لكن سيأتي ما في ذلك.
ثم إنّه لو فرضنا عدم تماميّة الدّليل العقلي المتقدّم ، بل كان العقل حاكما بوجوب الاحتياط ومراعاة حال العلم الاجمالي بالتكليف المردّد بين الأقلّ والأكثر ، كانت هذه الأخبار كافية في المطلب ، حاكمة على ذلك الدليل العقلي ، لأن الشارع أخبر بنفي العقاب على ترك الأكثر لو كان واجبا في الواقع ، فلا يقتضي العقل وجوبه من باب الاحتياط الراجع إلى وجوب دفع العقاب المحتمل.
______________________________________________________
(لكن سيأتي ما في ذلك) من منع العموم ، وان ظاهر الرواية هو : منع المؤاخذة فقط ، لكنّا كما عرفت قد ذكرنا في أول بحث البراءة : ان مقتضى القاعدة هو العموم.
(ثم انّه لو فرضنا عدم تماميّة الدّليل العقلي المتقدّم) لجريان البراءة عن الأكثر ، والدليل هو : قبح العقاب بلا بيان (بل كان العقل حاكما بوجوب الاحتياط ومراعاة حال العلم الاجمالي بالتكليف المردّد بين الأقل والأكثر) لتوهم ان التردد بين الأقل والأكثر كالتردد بين المتباينين ، فانه مع ذلك (كانت هذه الأخبار) الدالة على البراءة (كافية في المطلب) أي : في البراءة ، و (حاكمة) أيضا (على ذلك الدليل العقلي) القائل بالاحتياط.
وإنما تكون أخبار البراءة حاكمة عليه ، (لأن الشارع أخبر بنفي العقاب على ترك الأكثر لو كان) الأكثر (واجبا في الواقع).
وعليه : (فلا يقتضي العقل وجوبه) أي : وجوب الأكثر (من باب الاحتياط الراجع إلى وجوب دفع العقاب المحتمل) لأن العقل إنما يوجب الاتيان بالأكثر من باب دفع العقاب المحتمل ، والشارع بسبب هذه الأخبار يقول : انه لا عقاب