وقد توهّم بعض المعاصرين عكس ذلك ، وحكومة أدلة الاحتياط على هذه الأخبار ، فقال : «لا نسلّم حجب العلم في المقام لوجود الدليل في المقام ، وهي أصالة الاشتغال في الأجزاء والشرائط المشكوكة.
______________________________________________________
محتمل في ترك الأكثر.
إذن : فحال المقام حال ما إذا تردّد النجس بين ثوبين ، فقامت البينة على طهارة أحدهما ، فان هذه البينة وهو دليل شرعي يمنع احتمال العقاب في هذا الثوب الذي قامت البينة على طهارته ، وفي المقام أيضا كذلك ، فانّ إذن الشارع في ارتكاب الأكثر بقوله : «رفع ... ما لا يعلمون» (١) وما أشبه ، يرفع احتمال العقاب فينتفي موضوع حكم العقل ويبقى الواجب منحصرا في الأقل.
هذا (وقد توهّم بعض المعاصرين) وهو صاحب الفصول قدسسره (عكس ذلك) الذي ذكرناه : من حكومة روايات البراءة على الدليل العقلي القائل بوجوب الأكثر (و) العكس هو ما بيّنه : من (حكومة أدلة الاحتياط على هذه الأخبار) فأدلة البراءة تقول : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» ، ودليل الاحتياط يقول : «لم يحجب الله العلم» ، حيث قد أوجب الاحتياط (فقال : «لا نسلّم حجب العلم في المقام) أي : عند التردد بين الأقل والأكثر الارتباطيين.
وإنّما قال ذلك (لوجود الدليل في المقام) على الاحتياط (وهي : أصالة الاشتغال في الأجزاء والشرائط المشكوكة) والاشتغال اليقيني بالمركب من الأجزاء والشرائط يقتضي البراءة اليقينية باتيان كل الأجزاء والشرائط المشكوكة ،
__________________
(١) ـ وسائل الشيعة : ج ١٥ ص ٣٦٩ ب ٥٦ ح ٢٠٧٦٩ ، تحف العقول : ص ٥٠ ، الخصال : ص ٤١٧ ح ٢٧ ، التوحيد : ص ٣٥٣ ح ٢٤.