ونظرهم في ذلك إلى أنّ النبويّ ، بناء على عمومه لنفي الحكم الوضعي ، حاكم على تلك الأدلة المثبتة لذلك الحكم الوضعي.
ومع ما عرفت ، كيف يدّعي أنّ مستند الأصلين المذكورين
______________________________________________________
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) (١) شامل للعامد والخاطئ والناسي ، غير ان حديث الرفع يرفع هذا الحكم عن الناسي والخاطئ ، وقوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» (٢) شامل لكل الصور ، غير ان الناسي مرفوع الحكم بسبب حديث الرفع ، إلى غير ذلك.
وبذلك تبيّن : ان النبوي لا يكون دليلا على الأصلين المذكورين ، لأنّ بين النبوي وبين الأصلين المذكورين تباينا ، إذ مورد الأصلين هو ما لا يكون فيه دليل ، ومورد حديث الرفع هو ما كان هناك فيه دليل ، لكن حديث الرفع يرفعه.
(ونظرهم في ذلك) أي : فيما ذكروه : من انه يلزم أن يكون هناك دليل بحيث لو لا حديث الرفع لكان ذلك الدليل محكما ، فيؤخذ ـ مثلا ـ بدليل : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» غير ان حديث الرفع يرفع ذلك في مورد النسيان فنظرهم (إلى انّ النبويّ بناء على عمومه لنفي الحكم الوضعي) ورفعه لجزئية السورة في الصلاة (حاكم على تلك الأدلة المثبتة لذلك الحكم الوضعي) القائلة بأن الفاتحة جزء الصلاة : وما أشبه ذلك.
(ومع ما عرفت) من تباين المورد بين حديث الرفع ، وبين الأصلين المذكورين (كيف يدّعي) صاحب الفصول (انّ مستند الأصلين المذكورين
__________________
(١) ـ سورة الشورى : الآية ٤٠.
(٢) ـ مفتاح الفلاح : ص ٢٠٢ ، غوالي اللئالي : ج ٣ ص ٨٢ ح ٦٥.