وهذا المعنى وإن كان خلاف الظاهر ، إلّا أنّه يتعيّن الحمل عليه ، بمعونة ما ورد من إناطة الأحكام الشرعية وجودا وعدما بالعسر واليسر الغالبين.
______________________________________________________
انّ السواك لا يوجب المشقة على كل المكلفين ، بل على غالب المكلفين ، فالحرج على غالب المكلفين أوجب رفع وجوب السواك عن جميع المكلفين.
(وهذا المعنى وإن كان خلاف الظاهر) حيث ان المستفاد من رفع الحرج هو :
الحرج الشخصي ، لا الحرج النوعي ، بمعنى : ان كل من يشق عليه امتثال تكليف من التكاليف في مورد من الموارد يرتفع عنه ذلك التكليف في ذلك المورد ، لا انّه مرفوع عن عامة المكلفين.
وعليه : فاذا كان في المدينة ـ مثلا ـ مائة انسان وكان الوضوء يشق على خمسة وتسعين منهم ولا يشق على الخمسة الباقين ، وجب على اولئك الخمسة الوضوء ، وهكذا بالنسبة الى الصلاة من قيام ، والصوم ، والغسل ، وغير ذلك ، حتى اشتهر بينهم : ان رفع الحرج شخصي وليس بنوعي ، سوى ما ذكره الشارع بالنص مثل : «لو لا أن أشق على أمّتي» (١) ونحوه ، حيث ان المشقة النوعية فيها أوجبت رفع الشارع بنفسه التكليف عن كل المكلفين.
وعليه : (الّا انّه يتعين الحمل عليه) اي : على النوعي بالاضافة الى الشخصي أيضا (بمعونة ما ورد : من إناطة الأحكام الشرعية وجودا وعدما بالعسر واليسر الغالبين) مثل قوله تعالى : (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ، وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (٢) فانّه
__________________
(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٣ ص ٢٢ ح ١ ، غوالي اللئالي : ج ٢ ص ٢١ ح ٤٣ ، وسائل الشيعة : ج ٢ ص ١٧ ب ٣ ح ١٣٤٦ ، وص ١٩ ب ٥ ح ١٣٥٤.
(٢) ـ سورة البقرة : الآية ١٨٥.