فالأمر بالإنقاذ يتوقف على عدم الحرمة المطلقة.
الدليل الرابع : هو أنّ الغرض من الواجب الغيري ، إنما هو التوصل (١) إلى الواجب النفسي ، إذن فلا محالة يجب أن يختص الوجوب الغيري بحدود المقدمة الموصلة ، لأنّ الوجوب يكون بحجم ما فيه الغرض ، وهذا الوجه صحيح متين بعد إدخال التشقيقات السابقة ، فإنه يرجع إليه برهاننا الذي أقمناه سابقا عن المقدمة الموصلة.
وبهذا يتّضح ، أن الصحيح هو اختصاص الوجوب الغيري ـ على القول به ـ بالمقدمة الموصلة.
كما اتّضح أنّ ترشّح الوجوب الغيري على المقدمة ، إذ كانت مباحة ، إنما يكون بحدود المقدمة الموصلة.
وأمّا إذا كانت المقدمة محرّمة في نفسها ، وقد وقعت مقدّمة لواجب أهم في ملاكه ، حيث كان لا بدّ من التضحية بحرمتها لمرجوحيّة ملاكها ، فيجتاز المكلّف الأرض المغصوبة ، وينقذ الغريق ، حينئذ يسأل أنه : بأيّ مقدار ترتفع الحرمة على المقدّمة ، فهل ترتفع الحرمة الغصبيّة عنها مطلقا ما دام الغريق في الماء ، سواء قصد التوصل لإنقاذه أم لم يقصد ، أو إنها ترتفع عن الاجتياز المحرّم بحدود الموصل للإنقاذ؟. وبعد افتراض أن الحرمة ترتفع عن الموصلة فقط ، فهل هي ترتفع عن مطلق الموصلة ، أو إنها ترتفع عن خصوص الموصلة التي يقصد بها التوصل؟.
فالكلام في مقامين :
المقام الأول : في أنّ ارتفاع الحرمة ، هل يكون عن المقدمة الموصلة ، والمقدمة غير الموصلة؟.
المقام الثاني : في أنّ ارتفاع الحرمة ، هل يكون عن مطلق الموصلة ، أو
__________________
(١) الفصول في الأصول : محمد حسين بن محمد رحيم ص ٨٧.