عن خصوص الموصلة التي قصد بها التوصل؟.
أمّا الكلام في المقام الأول ، فيقال : إنّه لمعرفة أنّ الحرمة بأيّ مقدار ترتفع عن المقدمة ، لا بدّ من ملاحظة ما هو طرف المنافاة مع هذه الحرمة ، وهنا طرف لمنافاتين :
المنافاة الأولى : بين حرمة الاجتياز ووجوب ذي المقدمة. أي : إنقاذ الغريق وهي منافاة بملاك التزاحم في مقام الامتثال ، لتعدّد موضوع الحكمين ، وتعذّر امتثالهما معا ، إذ لا يعقل الأمر بشيء والنهي عن مقدمته.
المنافاة الثانية : هي بين حرمة المقدمة ، ووجوبها الغيري ، وهي مبنيّة على القول بالملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته ، بخلاف الأولى ، وهذا تناف بملاك التعارض ، لأنّ الحرمة والوجوب واردان على موضوع واحد في مرحلة الجعل ، وقبل أن تصل النوبة إلى الامتثال.
بعد دراسة هاتين المنافاتين نحدد المقدار الذي نرفع اليد عنه من الحرمة.
أمّا المنافاة الأولى : فلو التفتنا إليها بما هي ، وقطعنا النظر عن الثانية ، فإنّنا نرى أن التزاحم يقع بين الواجب النفسي وحرمة المقدمة الموصلة خاصة ، أي : بين «لا تغصب» وبين «أنقذ الغريق» ، وهنا لا بد من تقديم الأهم ، وهو «إنقاذ الغريق» وعليه ، فلا بدّ من رفع اليد عن حرمة الاجتياز ، لأنه ضروري ، وإلّا تعذّر امتثال خطاب «أنقذ الغريق» ، أي : ذي المقدمة.
وأمّا الحصة غير الموصلة من المقدمة ، فمقتضى الحرمة فيها موجود ، وهو مبغوضيّة الغصب ، والمانع مفقود ، لأنّ المانع ليس رعاية حق المزاحم الأهم ، فالمزاحمة ترتفع بمجرد سقوط الحرمة عن الحصة الموصلة ، لأنّ هذا المكلّف يمكنه حينئذ الامتثال ، وذلك بإن يجتاز اجتيازا موصلا ، حيث أنه لو إجتاز الأرض ولم ينقذ يعاقب بعقابين.
إذن فالحرمة تختص بالحصة غير الموصلة من المقدمة.