يلزم بحكم الأمر الأول ، أن يكون الوجوب محرّكا نحوها ، كما يلزم أن يعاقب المكلف إذا لم يسع لتحصيلها ، وقد عرفت أن التحريك نحوها خلف ، لأننا نريد أن نتصور وجوب الحج بنحو لا يحرّك نحو الاستطاعة.
وإن كانت هذه الاستطاعة قد أخذت قيدا في الواجب بوجودها الاتفاقي اللّااختياري الغير ناشئ من الوجوب لا بمطلق وجودها ، إذن فوجودها الاتفاقي غير اختياري للمكلف ، ولا يعقل التحريك نحوه ، وحينئذ يلزم محذور الأمر الثاني ، وهو أخذ القيد غير الاختياري قيدا في الواجب ، وهو غير معقول ، كما برهن في الأمر الثاني. وبهذا يتعيّن أن تكون الاستطاعة مأخوذة قيدا في الوجوب ، لا في الواجب.
والخلاصة هي : إنّه بعد أن تبيّن إمكان تصور المطلق والمشروط في المرحلة الثالثة من مراحل مقام الثبوت ، وهي مرحلة الجعل والاعتبار ، وتبيّن أن جملة من القيود لا بدّ أن تكون قيودا للوجوب ، لا للواجب محضا.
حينئذ يمكن رسم وتأسيس ضابطة كلية قائمة على أصل موضوعي ، نكتته وروحه هي : إنّ كل قيد لم يؤخذ قيدا في الوجوب ، بل أخذ محضا في الواجب ، يلزم محركية الوجوب نحوه.
وقد عرفت أنّ محركيّة الوجوب نحو قيد الواجب ، فرع فرض فعلية الوجوب قبل وجوده ، وهو فرع فرض فاعلية هذا الوجوب ومحركيته ، وبمحركية الوجوب نحو قيد الواجب غير الاختياري ، يلزم المحذور المتقدم ،
وبهذا يمكن أن نؤسس لضابطة كلية بها ، يمكن أن نعرف أيّ القيود يجب أن تؤخذ في الوجوب ، وأيّ القيود يجب أن تؤخذ في الواجب وحينئذ نقول :
إن الشروط والقيود على قسمين بلحاظ عالم الملاك :
أ ـ القسم الأول : شروط في أصل اتصاف الفعل إنّه ذو ملاك ، وفي أصل