يصح السؤال هنا ، بأنه : هل حدث شيء جديد عند وجود الشرط حيث يقال : إنّ ذلك الجزاء في القضية الشرطية كان موجودا بوجود تقديري ، والآن أصبح موجودا بوجود فعلي تبعا لفعلية وجود الشرط ، فهل هذا التساؤل وهذا القول ، له واقع أو لا؟
قد سبق وناقشنا هذا الوجود الثاني حيث قلنا هنا : إنه في ظرف وجود الاستطاعة خارجا ، لا يحدث شيء آخر وراء عالم الجعل والاعتبار غير الذي كان ثابتا من أول الأمر.
وكان برهاننا على ذلك هو أن ثبوت شيء وحدوثه عند وجود الاستطاعة خارجا ، إمّا أن يكون نسبته إلى الجعل نسبة المجعول إلى الجعل ، وإمّا أن يكون نسبته إلى الجعل نسبة المقتضى إلى المقتضي ، والمسبّب إلى السبب ، فإن فرض أن هذا الشيء نسبته نسبة المجعول إلى الجعل ، بمعنى أن الجعل جعل وإيجاد له ، فقد سبق وقلنا : إنّ هذا غير معقول ، لأن المجعول مع الجعل كالوجود مع الإيجاد ، فكما أن الوجود عين الإيجاد ، فكذلك المجعول والمعتبر عين الجعل والاعتبار ، ولا تعقل المغايرة بينهما.
ولكن في المقام يوجد مغايرة بينهما ، لأن الاعتبار كان موجودا ، ولم يكن هذا المجعول موجودا ثم وجد ، ومع فرض وجود هذه المغايرة بينهما ، يستحيل أن تكون نسبة أحدهما إلى الآخر نسبة المجعول إلى الجعل ، والمعتبر إلى الاعتبار ، لما برهن عليه من العينية والاتحاد بينهما.
وفي مقام توضيح هذا المطلب وتعميقه يقال : إن الاعتبار صفة من الصفات النفسانية ذات الإضافة ، إذ إنّه يوجد في عالم النفس صفات ذات إضافة ، وصفات ليست بذات إضافة ، ومن جملة الصفات القائمة في عالم النفس ، وهي ذات إضافة ، الاعتبار ، والحب ، والبغض ، والقدرة ، والعلم ، فإن الاعتبار يحتاج إلى معتبر ، والحب إلى محبوب ، والقدرة إلى مقدور وهكذا. وأمّا الصفات النفسانية التي ليست بذات إضافة فهي من قبيل الجبن ،