هذا ملخص ما حققه من ذهب إلى امتناع النسخ. والحق لا تخفى قرته ، وسكون النفس إليه ـ وبالله التوفيق.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (١٤)
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) يعني المنافقين الذين كانوا يتولّون اليهود ويناصحونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين ، كما بينته آية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ...) [الحشر : ١١] الآية. (ما هُمْ مِنْكُمْ) أي من أهل دينكم وملتكم ، معشر المسلمين (وَلا مِنْهُمْ) أي من اليهود كقوله تعالى : (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) [النساء : ١٤٣] ، (وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ) قال ابن جرير : وذلك قولهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم (نشهد أنك رسول الله) وهم كاذبون غير مصدقين به. (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أي المحلوف عليه كذب بحت.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٥) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (١٦)
(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) أي وقاية وعصمة لأنفسهم (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي فحالوا بأيمانهم عن حكم الله في أمثالهم ، وهو القتل ، إراحة للمؤمنين من فسادهم. أو فصدّوا الناس في خلال أمنهم وسلامتهم عن الإيمان وثبوطهم عنه. (فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) أي مذلّ لهم في الآخرة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١٧) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٨) اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١٩)