هذَا الْقُرْآنِ) [الإسراء : ٨٩] الآية. وقال في طه : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) [طه : ١٠٢] ، إلى أن قال (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) [طه : ١١٤].
ومنها ـ أن أول السورة لما نزل إلى قوله : (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) صادف أنه صلىاللهعليهوسلم في تلك الحالة بادر إلى تحفظ الذي نزل ، وحرّك به لسانه من عجلته خشية من تفلته ، فنزلت (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ) إلى قوله : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) ثم عاد الكلام إلى تكملة ما ابتدأ به.
قال الفخر الرازي : ونحوه ما لو ألقى المدرس على الطالب مثلا مسألة ، فتشاغل الطالب بشيء عرض له فقال له : ألق إليّ بالك ، وتفهّم ما أقول. ثم كمل المسألة فمن لا يعرف السبب يقول : ليس هذا الكلام مناسبا للمسألة ، بخلاف من عرف ذلك ـ قاله الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) ـ.
الثالث ـ استدلوا على التأويل السابق بقوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب ، كما هو مذهب الجمهور لما تقتضيه (ثُمَ) من التراخي. وأول من استدل لذلك بهذه الآية القاضي أبو بكر بن الطيب ، وتبعوه. وهذا لا يتم إلا على تأويل البيان بتبيين المعنى ، وإلا فإذا حمل على أن المراد استمرار حفظه له ، وظهوره على لسان ، فلا!.
قال الآمدي : يجوز أن يراد بالبيان الإظهار ، لا بيان المجمل. يقال (بان الكوكب إذا ظهر) قال : ويؤيد ذلك أن المراد جميع القرآن ، والمجمل إنما هو بعضه ، ولا اختصاص بالأمر المذكور دون بعض.
وقال أبو الحسين البصري : يجوز أن يراد البيان التفصيلي ، ولا يلزم منه جواز تأخير البيان الإجمالي ، فلا يتم الاستدلال. وتعقب باحتمال إرادة المعنيين : الإظهار والتفصيل وغير ذلك ، لأن قوله (بَيانَهُ) جنس مضاف ، فيعم جميع أصنافه من إظهاره وتبيين أحكامه ، وما يتعلق بها من تخصيص وتقييد ونسخ وغير ذلك ـ قاله الحافظ في (الفتح) ـ.
وجوز القفال أن تكون (ثُمَ) للترتيب في الإخبار. أي ثم إنا نخبرك بأن علينا بيانه ، فلا تدل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب. وضعفه الرازي بأنه ترك للظاهر من غير دليل.
الرابع ـ ما قدمناه من معنى قوله تعالى : (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ) إلخ ، وما استفيد