وبالنصب مفعولا لمضمر دل عليه السياق والسباق. أي وأهلكنا قوم نوح. أو عطفا على مفعول (فَأَخَذْناهُ) أو على محل (وَفِي مُوسى) (مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) أي : مخالفين أمر الله ، خارجين عن طاعته.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧) وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) (٤٨)
(وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ) أي رفعناها بقوة (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) أي لقادرون على الإيساع ، كما أوسعنا بناءها. (وَالْأَرْضَ فَرَشْناها) أي مهدناها ليتمتعوا بها (فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) أي لهم. وفي إيثار صيغة فاعل من (مهد على فرش) إشارة إلى أن من المواد ما تختلف صيغته في النظم فعلا واسما ، فيكون في أحدهما أرق وألطف وأفصح ، فيؤثر على غيره في ظرف ، ويؤثر عليه غيره في آخر. والمرجع الذوق ـ كما بسطه ابن خلدون وابن الأثير.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٤٩)
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) أي ذكرا وأنثى ، أو نوعين متقابلين.
قال ابن كثير : جميع المخلوقات أزواج : سماء وأرض. وليل ونهار. وشمس وقمر. وبر وبحر. وضياء وظلام. وإيمان وكفر. وموت وحياة. وشقاء وسعادة. وجنة ونار. حتى الحيوانات والنباتات. انتهى. وهو مأخوذ من كلام ابن جرير في تأييد تفسير مجاهد ، وعبارة ابن جرير :
وأولى القولين في ذلك قول مجاهد : وهو أن الله تبارك وتعالى خلق لكل ما خلق من خلقه ثانيا له ، مخالفا في معناه. فكل واحد منهما زوج للآخر ، ولذلك قيل (خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) وإنما نبه جلّ ثناؤه بذلك من قوله : خلقه على قدرته على خلق ما يشاء ، وأنه ليس كالأشياء التي شأنها فعل نوع واحد دون خلافه ، إذ كل ما صفته فعل نوع واحد دون ما عداه ، كالنار التي شأنها التسخين ولا تصلح للتبريد ، وكالثلج الذي شأنه التبريد ولا يصلح للتسخين ، فلا يجوز أن يوصف بالكمال ، وإنما كمال المدح للقادر على فعل كل ما شاء فعله من الأشياء المختلفة والمتفقة. انتهى.
(لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) قال ابن جرير : أي لتذكّروا وتعتبروا بذلك ، فتعلموا أيها