القول في تأويل قوله تعالى :
(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلاَّ ما شاءَ اللهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى (٧) وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى (٨) فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى (٩) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى (١٢) ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) (١٣)
(سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) أي سنجعلك قارئا ، بأن نلهمك القراءة فلا تنسى ما تقرؤه والمعنى نجعلك قارئا للقرآن فلا تنساه.
قال الزمخشري : بشره الله بإعطاء آية بينة ، وهي أن يقرأ عليه جبريل ما يقرأ عليه من الوحي ، وهو أميّ لا يكتب ولا يقرأ ، فيحفظه ولا ينساه.
تنبيهات :
الأول : قال الرازي : هذه آية تدل على المعجزة من وجهين :
أحدهما ـ إنه كان رجلا أميّا فحفظه لهذا الكتاب المطول عن غير دراسة ولا تكرار ولا كتبة ، خارق للعادة ، فيكون معجزا.
وثانيهما ـ إن هذه السورة من أوائل ما نزل بمكة. فهذا إخبار عن أمر عجيب غريب مخالف للعادة سيقع في المستقبل ، وقد وقع ، فكان هذا إخبارا عن الغيب ، فيكون معجزا.
الثاني : ـ قيل (لا تنسى) نهي والألف للإطلاق في الفاصلة وهو جائز مثل (السَّبِيلَا) [الأحزاب : ٦٧] ، والمعنى لا تغفل قراءته وتكريره فتنساه. فالنهي عنه مجاز عن ترك أسبابه الاختيارية.
قال الرازي : والقول المشهور إن هذا خبر. والمعنى سنقرئك إلى أن تصير بحث لا تنسى وتأمن النسيان. كقولك : (سأكسوك فلا تعرى) أي فتأمن العري ، قال : واحتج أصحاب هذا القول على ضعف القول الأول بأن ذلك القول لا يتم إلا عند التزام مجازات في هذه الآية. منها أن النسيان لا يقدر عليه إلا الله تعالى فلا يصح ورود الأمر والنهي به. فلا بد وأن يحمل ذلك على المواظبة على الأشياء التي تنافي النسيان. مثل الدراسة وكثرة التذكر. وكل ذلك عدول عن ظاهر اللفظ.
ومنها أن نجعل الألف مزيدة للفاصلة وهو أيضا خلاف الأصل.
ومنها أنا إذا جعلناه خبرا كان معنى الآية بشارة الله إياه بأني أجعلك بحيث لا