الوحي ، فيدعون أنهم سمعوا هنالك من الله أن الذي هم عليه حق. (فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي بحجة واضحة تصدق دعواه (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) أي حيث جعلوا ، لسفاهة رأيهم ، الملائكة إناثا ، وأنها بناته تعالى ، مع أنه (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) [النحل : ٥٨] ، (أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً) أي أجرة على إبلاغك إياهم رسالة الله تعالى ، (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ) أي من التزام غرامة (مُثْقَلُونَ) أي منه ما شاءوا ، وينبئون الناس عنه بما أرادوا (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً) أي بالرسول وما جاء به ، (فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) أي الممكور بهم دونك ، فثق بالله ، وامض لما أمرك به (أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ) أي له العبادة على جميع خلقه (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي : تنزيها له عن شركهم ، وعبادتهم معه غيره.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) (٤٤)
(وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) هذا جواب لمشركي قريش الذين كانوا يستعجلون العذاب ، ويقترحون الآيات كقولهم : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) ، إلى قوله : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) [الإسراء : ٩٠ ـ ٩٢].
قال الزمخشريّ : يريد أنهم لشدة طغيانهم وعنادهم ، لو أسقطناه عليهم لقالوا : هذا سحاب مركوم بعضه فوق بعض ، يمطرنا ، ولم يصدقوا أنه كسف ساقط للعذاب.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ (٤٥) يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (٤٦)
(فَذَرْهُمْ) أي يخوضوا ويلعبوا ، ويلههم الأمل ، (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) أي يموتون (يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) أي لا يدفع عنهم مكرهم من عذاب الله ، شيئا (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ).
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤٧)
(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ) أي دون يوم القيامة ، وهو إما عذاب القبر،