(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها ، قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي ، لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) .. (١).
(وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) أى : وينزل بقدرته المطر ، ويعلم وحده وقت نزوله. (وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) أى : ويعلم ما في أرحام الأمهات من ذكر أو أنثى.
(وَما تَدْرِي نَفْسٌ) من النفوس كائنة من كانت (ما ذا تَكْسِبُ غَداً) من خير أو شر ، ومن رزق قليل أو كثير ، لأنها لا تملك عمرها إلى الغد.
(وَما تَدْرِي نَفْسٌ) من النفوس ـ أيضا ـ كائنة من كانت (بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) أى : بأى مكان ينتهى أجلها.
(إِنَّ اللهَ) ـ تعالى ـ (عَلِيمٌ) بكل شيء (خَبِيرٌ) بما يجرى في نفوس عباده. وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ، جملة من الأحاديث والآثار ، منها ما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله ، ثم قرأ هذه الآية» ..
وعن مجاهد قال : جاء رجل من أهل البادية فقال للنبي صلىاللهعليهوسلم : «إن امرأتي حبلى فأخبرنى ما تلد؟ وبلادنا جدبة فأخبرنى متى ينزل الغيث؟ وقد علمت متى ولدت فأخبرنى متى أموت؟ فأنزل الله الآية» (٢).
وهذه الأمور الخمسة من الأمور التي استأثر الله ـ تعالى ـ بها على سبيل العلم اليقيني الشامل المطابق للواقع ..
ولا مانع من أن يطلع الله ـ تعالى ـ بفضله وكرمه ، بعض أصفيائه على شيء منها.
وليست المغيبات محصورة في هذه الخمسة ، بل كل غيب لا يعلمه إلا الله ـ تعالى ـ داخل فيما استأثر الله ـ تعالى ـ بعلمه ، وإنما خصت هذه الخمسة بالذكر لأنها من أهم المغيبات ، أو لأن السؤال كان عنها.
وما يخبر به المنجم والطيب وعلماء الأرصاد الجوية من الأمور التي لم تتكشف بعد ، فمبناه على الظن لا على اليقين ، وعلى احتمال الخطأ والصواب.
أما علم الله ـ تعالى ـ بهذه الأمور وغيرها ، فهو علم يقيني قطعى شامل. لا يحتمل الظن أو الشك أو الخطأ.
__________________
(١) سورة الأعراف الآية ١٨٧.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٣٥٧.