فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ، لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ، ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ. مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
٦ ـ ثم بين ـ سبحانه ـ أحوال الناس في السراء والضراء ، ودعاهم إلى التعاطف والتراحم ، ونفرهم من تعاطى الربا ، فقال ـ تعالى ـ : (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ، ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ ، وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ).
٧ ـ ثم ساق ـ سبحانه ـ بعد ذلك ألوانا من نعمه على عباده ، وبين الآثار السيئة التي تترتب على جحود هذه النعم ، ودعا الناس للمرة الثانية إلى اتباع الدين القيم ، الذي لا يقبل الله ـ تعالى ـ دينا سواه ، فقال ـ تعالى ـ : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ. مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ، وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ).
٨ ـ ثم عادت السورة الكريمة إلى الحديث عن نعمة الله في الرياح وفي إرسال الرسل ، وأمر كل عاقل أن يتأمل في آثار هذه النعم ، ليزداد إيمانا على إيمانه ، فقال ـ تعالى ـ (فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها ، إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
٩ ـ ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة ببيان أهوال الساعة ، وحكى أقوال أهل العلم والإيمان ، في ردهم على المجرمين عند ما يقسمون أنهم ما لبثوا في هذه الدنيا سوى ساعة واحدة ، وأمر ـ سبحانه ـ نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يصبر على أذى أعدائه ، فقال ـ تعالى ـ : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ، وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ).
١٠ ـ وهكذا نجد أن سورة «الروم» قد أفاضت في الحديث عن الأدلة المتعددة ، التي تشهد بوحدانية الله ـ تعالى ـ وقدرته ، كما تشهد بأن هذا القرآن من عند الله ، وبأن يوم القيامة حق وصدق ، كما ساقت آيات متعددة في المقارنة بين مصير الأخيار ، ومصير الأشرار ، ودعت الناس إلى الثبات على الدين الحق ، وهو دين الإسلام ، كما حضت على التعاطف والتراحم بين المسلمين ، ونهت عن تعاطى الربا ، لأنه لا يربو عند الله ـ تعالى ـ ، وإنما الذي يعطى من صدقات هو الذي يربو عند الله ـ عزوجل ـ كما ذكرت أنواعا من النعم التي أنعم الله ـ تعالى ـ بها على عباده ، وأمرتهم بشكره ـ سبحانه ـ عليها ، لكي يزيدهم من فضله.