٩ ـ ثم ساق ـ سبحانه ـ في أواخر السورة ، ألوانا من تناقضات المشركين ، حيث إنهم إذا سألهم سائل عمن خلق السموات والأرض ... قالوا : الله ـ تعالى ـ هو الذي خلقهما ، ومع ذلك فهم يشركون معه في العبادة آلهة أخرى ، وإذا أحاط بهم الموج وهم في السفن ... (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ، فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ) ، وهم يعيشون في حرم آمن ، والناس يتخطفون من حولهم .. ومع ذلك فهم بالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون.
هذا شأنهم ، أما المؤمنون الصادقون فقد وعدهم الله ـ تعالى ـ بما يقر أعينهم فقال في ختام السورة : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ، وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
١٠ ـ وهكذا نرى هذه السورة الكريمة ، وقد حدثتنا ـ من بين ما حدثتنا ـ عن الإيمان وتكاليفه ، وعن سنن الله في خلقه ، وعن قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم ، وعن هوان الشرك والشركاء ، وعما يعين المؤمن على طاعة الله ، وعن علاقة المؤمنين بغيرهم ، وعن البراهين الساطعة الناطقة بأن هذا القرآن من عند الله ، وعن أن المؤمن لا يليق به أن يقيم في مكان لا يستطيع فيه أن يؤدى شعائر دينه ، وعن سوء عاقبة الأشرار ، وحسن عاقبة الأخبار ... نسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعلنا جميعا من عباده الأخيار.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
|
المؤلف د. محمد سيد طنطاوى |