مقدمات معتبرة (١).
وبعبارة ثالثة : وجوب الفحص عن الأدلّة على المجتهد جاء من قبل عدم معذوريّة المكلّف المقصّر في التعلّم ، والدليل على عدمها من وجوه :
١ ـ وجوب دفع الضرر المحتمل بحكم العقل الضروري ، فإنّ في ترك الفحص عن الحكم الشرعيّ مع القدرة عليه ضررا اخرويّا ولو احتمالا يلزم اندفاعه بتحصيل المؤمّن ، وهو هنا ليس إلّا الفحص والتفتيش عن الحجّة على الوظيفة العبوديّة.
٢ ـ الأدلّة الدالّة على وجوب تحصيل العلم ولزوم التعلّم لأجل العمل كتابا وسنّة ، من قبيل : آيتي النّفر ، والسؤال (٢) ، والروايات الدالّة على تحتّم التفقّه ، ومذمّة ترك التعلّم.
منها : رواية معتبرة لمسعدة بن زياد ، قال : سمعت جعفر بن محمّد عليهالسلام ، وقد سئل عن قوله تعالى (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) ، فقال : «إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالما؟ فإن قال : نعم ، قال له : أفلا عملت بما عملت؟ وإن قال : كنت جاهلا قال : أفلا تعلّمت حتّى تعمل؟ فيخصمه ، فتلك الحجّة البالغة (٣).
رموز الفحص عن الأدلّة
٣ ـ الإجماع القطعيّ على عدم جواز العمل بأصل البراءة قبل استفراغ الواسع
__________________
(١) فيه إشارة الى تقدم الدليل والأمارة على الاصول العملية التي لم يجعل في مؤدّاها غير الخروج بها عن الحيرة ، وغير معرفة الوظيفة ، وهذا بخلاف مؤدّى الدّليل فإنّه محتو للحكم والتكليف الشّرعي ، إمّا الواقعيّ أو الظاهري على ما يأتي شرحه في المتن.
(٢) التوبة : ١٢٣ ، والنحل : ٤٥.
(٣) أمالي الشيخ الطوسي : الجزء ١ ، ح ١٠ ، وراجع كتابنا الرأي السديد في الاجتهاد والتقليد : ص ٨.