وهكذا الجواب عن أخبار ادّعيت دلالتها على لزوم الاحتياط في الشك البدويّ في الحرمة ، مضافا الى أنّها على الأغلب ضعيفة سندا.
فالحقّ أنّه لا دليل لفظيّ في البين يدلّ على تحتّم الاحتياط في مورد الشكّ في الحكم التحريميّ فضلا عن الوجوبي وفي مورد الشكّ في الموضوع.
ما ذا جار في الشك في الوجوب والموضوع؟
وبالنتيجة : وصلنا الى جواب قامع آخر عن نظريّة الأخباريّين الاحتياطيّين ، وهو : أنّ الأخبار المستدلّ بها على الاحتياط بناء على تسليم دلالتها فهي دلالة بدويّة غير مستقرّة بقرينة قطعيّة ، وهي : أنّها (على الفرض) بإطلاقها أو عمومها تشمل الشبهة الوجوبيّة والموضوعيّة ، لكنّهما خارجتان عنهما بالإجماع والاتّفاق من جميع العلماء الإماميّة (١) ، وهذا معناه : خروج الشبهتين المذكورتين عن تحت أدلّة الاحتياط تخصّصا ، لا من باب عمل التخصيص فانّ لسانها بلحاظ قوة دلالتها وانسجام مواضعها الثلاثة من حيث وحدة ملاك الاشتراك في الحكم بالاحتياط آب عن التخصيص. وعليه فروايات الاحتياط بهذه القرينة محمولة على الحسن والرجحان في قاطبة الشبهات ، مؤكّدة لمنطق العقل في ذلك.
__________________
(١) راجع فرائد الاصول عند الكلام عن جواب أخبار الاحتياط بعنوان التوقّف في الجواب الخامس.