وهو : أنّ المكلف لا يخلو قهرا من الفعل أو الترك ، فالمخالفة والموافقة القطعيّتان في مورد الكلام لا تتّفق منه ، ببرهان الاستحالة وهو عدم اجتماع النقيضين وعدم ارتفاعهما.
ومن اجل ذلك العلم الإجماليّ بلا أثر تكوينا ، ويكون الشكّ شكّا في التكليف ، إلّا أنّ الوجدان يقضي بأنّ العلم بجنس الإلزام الموجود في نوعي الوجوب والحرمة يستدعي الالتزام بالفعل أو الترك بمناط الاضطرار التكويني ، لا بمناط الحسن والقبح والمصلحة والمفسدة ؛ لعدم إمكان التحريك والانبعاث للمكلف من قبل العقل أو الشرع نحو واحد من المحذورين.
وبالنتيجة : لا مسرح هنا للتخيير لا شرعا ولا عقلا ؛ لأنّه مع وصف الاضطرار والعجز عن الإدانة تكوينا تحصيل للحاصل.
التّخيير في المسألة الاصوليّة والفرعيّة
هذا إن اريد من التخيير : التخيير في المسألة الاصولية ، أي في مقام الفتوى بالأخذ بدليل أحد الحكمين لأجل عمل المقلّدين ، نظير الفتوى بالأخذ بمفاد واحد من الخبرين المتعارضين.
وكذا إن اريد به التخيير في المسألة الفرعية ، أي في مقام العمل ؛ لعدم الدليل على أيّ من هذين المعنيين ، بل الدليل على عدمه ، وهو ما ذكرناه من كون المكلف هنا مضطرّا خارجا لمتابعة قرار العقل بالتخيير الناشئ من استحالة الجمع بين النقيضين ، وكون المورد خاليا من مناط البعث والطلب الى المكلف