الأخذ بالحرمة ، أو عدم جريان أيّ واحد منها والرجوع الى التوقف ، والأخير هو مختار شيخنا الأعظم الأنصاريّ في فرائده في مسألة البراءة والاشتغال ، وفي مقصد القطع اختار التخيير العقلي.
تنقيح موضوع البحث بتفصيل فيه
والمختار على نحو الاختصار هو التفصيل بين قدرة المكلف على المخالفة القطعية وبين عجزه عنها.
ووجه التفصيل : أنّ في صورة قدرته عليها ـ وهي : ما اذا كان الدوران بين الوجوب والحرمة التوصّليّين (١) أو التعبّديين (٢) في الواقعة المتعدّدة أو أحدهما المعيّن تعبّديا (٣) ولو في واقعة واحدة ـ تصبح المسألة داخلة في وادي الشكّ في المكلّف به ، وخارجة عن دوران الأمر بين المحذورين الدائر أمرهما بين الفعل والترك ؛ لأنّ المكلف وإن لم يتمكّن من الموافقة القطعية
__________________
(١) كما لو علم إجمالا بصدور حلفين : أحدهما على فعل شيء ، والآخر على ترك أمر آخر واشتبه الأمران في الخارج ، هذا مثال لتعدّد الواقعة دفعيا. والمثال لتعدّدها تدريجيا : أن يعلم إجمالا بتعلق الحلف بإيجاد فعل في زمان وبتركه في زمان آخر ، واشتبه الزمانان.
(٢) مثل : المرأة المردّد أمرها بين الطهر والحيض ، ففي مسألة صومها يتردّد أمر إمساكها وإفطارها بين الوجوب والحرمة ، فلو كانت طاهرة يجب عليها الإمساك عن المفطّرات بقصد القربة ويحرم عليها نية القطع أو القاطع ، ولو كانت حائضا يحرم عليها نية الصيام بناء على أنّ الحائض ممنوعة ذاتا عن العبادة ، لا تشريعا ، ويجب عليها ترك نية الإمساك ، فهي متمكّنة من المخالفة القطعية بأن تصوم بعنوان العبادة بنية القربة أو بدونها ، فلو كانت طاهرة فهي تركت الصوم بترك نية القربة ، ولو كانت حائضا فارتكبت معصية وهي التلبّس بالصوم عبادة.
(٣) وهو الوجوب مثلا ، كما في المرأة الشاكّة في حيضها ، فأمر دخولها في المسجد الحرام حين الحجّ يدور بين الوجوب والحرمة.