فقد عرفت من هذا البيان أنّ الشبهة الحكميّة كالموضوعيّة يتصوّر فيها كون منشأ الاشتباه وجود قسمين معلومين للشيء ، فاذا صار مشكوكا موضوعا أو حكما يصحّ أن يدّعى بوضوح ، شمول الصحيحة للشبهتين : الحكميّة والموضوعيّة.
مثال صيرورة الشيء مشكوكا موضوعا هو الشكّ في كون لحم هل من المذكّى أو الميتة؟ والمراد من الغاية : معرفة الحرام تفصيلا كما اشير اليه في دائرة المشتبه كلّيّا كان أو جزئيّا ، وهذا واضح.
ومثل الصحيحة في تقريب الدلالة : رواية عبد الله بن سليمان ، ومرسل ابن عمّار (١).
٢ ـ معتبرة مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : «كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة ، والمملوك عندك لعلّه حرّ قد باع نفسه أو خدع فبيع قهرا ، أو امرأة تحتك وهي اختك أو رضيعتك ، والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة» (٢).
قد يقال : إنّها بلحاظ ذيلها واشتمالها على أمثلة هي من الشبهة الموضوعيّة ، فهي ذات قرينة أو محتمل القرينة على اختصاصها بها.
ولكن الصحيح استفادة العموم منها بسياق صدرها ، أي : كلّ شيء
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٧ : ٩٠ و ٩٢ ب ٦١ من أبواب الأطعمة المباحة الحديث ١ و ٧.
(٢) وسائل الشيعة ١٢ : ص ٦٠ الحديث ٤.