ومثال الثاني :
وجوب الوضوء مشروط بوجود الماء المطلق فإذا شكّ في ماء أنّه مطلق أو مضاف لا يصح له أن يكتفي بالوضوء بالماء المشكوك ؛ لأنّه شكّ في الامتثال وحصول المحصّل ، فعليه أن يحصل على ماء يطمئن أنّه مطلق كي يحرز الامتثال ، إذ الوجوب الشرطيّ للوضوء بالإضافة الى طبيعة الماء اخذ على نحو البدلية وصرف الوجود ، لا على نحو الانحلالية والشمول كي يكون الوضوء بكلّ فرد من الماء صحيحا.
ومن هذا البيان يظهر : أن لجريان البراءة في الشبهات الموضوعية معيارا ظريفا يلزم التنبّه عليه حتّى لا يقع المفتي على خلاف الواقع ، فإنّ في قسم منها يتحتّم وجوب الموافقة القطعية ، وهو يساوق مفاد قاعدة الاشتغال كما أشرنا اليه.
وملخّص هذا القسم : هو أن يكون التكليف وموضوعه وجملة من قيوده معلوما ، وإنّما الشكّ في قيد من قيود المتعلق تردّد حصوله بين هذا وذاك ، مثل : ماء يشكّ في أنّه مطلق أو مضاف ، ومسلّم أنّ وجوب الوضوء بالإضافة الى هذا القيد مأخوذ بدلا.
أو يشكّ في موضوع التكليف وكان إسناده الى الموضوع المشكوك بدليا أيضا ، مثل قوله : أكرم عالما ، حيث لا يجوز الاقتصار بإكرام من يشكّ في أنّه عالم ؛ لأنّه من الشكّ في الامتثال ، وهو مجرى لأصالة الاشتغال.
والشغل اليقينيّ يستدعي فراغ العهدة على نحو اليقين جار فيه وفي نحوه ،