الشياطين ومجاهدة النفوس ، واحتمال أذى ثقل العيال والاجتهاد في طلب الحلال ، ومعاناة مخاطرة الخوف من الأعداء ، من لصوص مخوّفين ، ومن سلاطين جورة قاهرين ، وصعوبة المسالك في المضايق والمخاوف والاجزاع والجبال والتّلال لتحصيل أقوات الأنفس والعيال من الطّيب الحلال ، عرّفهم الله عزوجل أنّ خيار المؤمنين يحتملون هذه البلايا ، ويتخلّصون منها ، ويتحاربون الشياطين ويهزمونهم (١) ويجاهدون أنفسهم بدفعها عن شهواتها ويغلبونها مع ما ركّبت فيهم من شهوة الفحولة ، وحبّ اللباس والطعام والعزّ والرّياسة والفخر والخيلاء ، ومقاساة العناء والبلاء من إبليس لعنه الله وعفاريته وخواطرهم وأعوانهم واستهوائهم ودفع ما يكيدونه من ألم الصّبر على سماع الطّعن من أعداء الله وسماع الملاهي والشّتم لأولياء الله ، ومع ما يقاسونه في أسفارهم لطلب أقواتهم ، والهرب من أعداء دينهم ، والطلب لمن يأملون (٢) معاملته من مخالفيهم في دينهم.
قال الله عزوجل : يا ملائكتي : وأنتم من جميع ذلك بمعزل لا شهوات الفحولة تزعجكم ، ولا شهوة الطعام تخفركم ، ولا الخوف من اعداء دينكم ودنياكم ينخب (٣) في قلوبكم ، ولا لإبليس في ملكوت سمواتي وارضي سبيل على إغواء ملائكتي الّذين قد عصمتهم منهم ، يا ملائكتي فمن أطاعني منهم وسلم دينه من هذه الآفات
__________________
(١) في النسخة المخطوطة : ويحزمونهم (بالحاء المهملة) ولعلّه (لو لم يكن مصّحفا) من حزم الفوس : شدّ حزامه ـ والحزام : ما يشدّ به وسط الدابّة.
(٢) في البحار : او الطلب لما يألمون معاملته.
(٣) النخب : النزع ، ورجل نخب (بكسر الخاء) : جبان.