الجنّ الّذي ذكروا في القرآن من مارج من نار ، وهو لسان النّار الّذي يكون في طرفها إذا لهبت (١) وخلق الإنسان من طين فأوّل من سكن الأرض الجنّ فأفسدوا فيها وسفكوا الدّماء وقتلوا بعضهم بعضا فبعث الله إبليس في جند من الملائكة وهم هذا الحيّ الّذي يقال لهم الجنّ فقتلهم إبليس ومن معه حتّى الحقوهم بجزائر البحور وأطراف الجبال فلمّا فعل إبليس ذلك اغترّ في نفسه وقال قد صنعت شيئا لم يصنع احد قال فاطلع الله على ذلك من قلبه ولم يطلع عليه الملائكة الّذين كانوا معه.
وفي رواية اخرى عنه : انّ من الملائكة قبيلة يسمّون الجنّ وكان إبليس منها وكان يسوس ما بين السّماء والأرض (٢).
بل قد يؤيّد ايضا بقوله تعالى : (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) (٣) حيث أن قريشا قالت الملائكة بنات الله.
ففيه انّ هذا كلّه مخالف للظّاهر الّذي هو الحجّة بل كانّه ردّ على النصوص المتقدّمة المصرّحة بأنّه كان من الجنّ لا من الملائكة وانّه كان معهم والملائكة كانوا يحسبون انّه منهم ولم يكن منهم إلى أن كان منه الّذي كان وانّه كان من بني الجان ، وقد سمعت انّه قد وقع السؤال في كثير منها من اشتمال الخطاب له مع عدم كونه منهم ، واحتمال معارضة مثل هذه النصوص المأثورة عن أئمّة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين بالمرويّ عن ابن عباس وغيره من طرق العامة ممّا لا ينبغي الإصغاء اليه على أنّ ظاهر الآية تعليل تركه السجود بأنّه كان من الجنّ ، ولذا فرع
__________________
(١) جامع البيان للطبري ج ١ ص ١٧٨.
(٢) جامع البيان للطبري : ج ١ ص ١٧٨.
(٣) الصافات : ١٥٨.