الإطلاق في قوله : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ) (١) ، الآية وقد استدلّ الأصوليّون على كون الأمر للوجوب بقوله : (أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) (٢) حيث عبّر عن مخالفة الأمر بالعصيان.
وعلى كلّ حال فلا بدّ من حمله في المقام على ترك الأولى ، لأنّه اللائق بعصمة الأنبياء عليهمالسلام المعلومة من العقل والإجماع بل ضرورة المذهب.
ومن هنا يظهر ضعف ما قد يقال في المعارضة : من انّه الأليق برحمة أكرم الأكرمين وكرم أرحم الراحمين أن لا يؤاخذ على تركه الأولى نسيانا بمعاتبته بقوله : (أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ) و (وَأَقُلْ لَكُما) (٣). الآية ، وبالفضيحة حيث بدت سوءاتهما ، وبإخراجه من جواره ، وبالتفريق بينه وبين حوّاء مائة سنة أو مأتين ، وبإلقاء العداوة والبغضاء بينهم ، وبالنّداء عليهم باسم العصيان والغواية ، وبتسليط العدوّ على أولاده ، بقوله : (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) (٤) وبجعل الدّنيا سجنا له ولأولاده وبالتّعب والشقاء في قوله : (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) (٥). إلى غير ذلك ممّا يختصّ بالنّساء من الحيض ، وثقل الحمل والطلق ونحوها كما ورد في الأخبار.
إذ فيه مع ان كثيرا ممّا عدّه في المقام من لوازم هذه الدّار ومقتضيات الكون بها والابتلاء فيها انّ جلالة قدر الأنبياء وعظم قدرهم وكبر شأنهم يقتضي تعظيم ما
__________________
(١) الجنّ : ٢٣.
(٢) طه : ٩٣.
(٣) الأعراف : ٢٢.
(٤) الإسراء : ٦٤.
(٥) طه : ١١٧.