الأولى سيّئات ومعاصي يستغفرون الله منها ويتوبون الله على ما يأتي ، فإذا كان هذه حالهم في عباداتهم الظاهرة ومعاشراتهم مع النّاس فما ظنك بما يصدر عنهم أحيانا من ترك الأولى الّذي دعاهم إليه على جهة النّدب والاستحباب.
ثالثها : ما أجاب به بعض من جوّز عليه الذّنب في الجملة وهو انّ آدم عليهالسلام لم يكن حين صدر عنه الذّنب نبيّا بناء على أنّ المعلوم من لزوم العصمة إنّما هو بعد النّبوّة ، وربّما يؤيّد ايضا بما رواه في «الأمالي» و «العيون» بالإسناد عن الّرضا عليهالسلام حيث سأله عليّ بن محمّد بن الجهم فقال له يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله : أتقول بعصمة الأنبياء؟ قال : بلى ، قال : فما تعمل في قول الله عزوجل : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) (١) ، إلى أن قال عليهالسلام : ويحك يا علي اتّق الله ولا تسب إلى أنبياء الله الفواحش ولا تتأوّل كتاب الله عزوجل برأيك فانّ الله عزوجل يقول : (ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (٢) ، أمّا قوله عزوجل في آدم : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) ، فانّ الله عزوجل خلق آدم حجّة في أرضه وخليفته في بلاده لم يخلقه للجنّة وكانت المعصية من آدم في الجنّة لا في الأرض لتتمّ مقادير أمر الله عزوجل فلمّا أهبط إلى الأرض وجعل حجّة وخليفة عصم بقوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) (٣). (٤)
أقول : أمّا جواز صدور الذنب قبل البعثة فقد عرفت أنّه مخالف لما هو
__________________
(١) طه : ١٢١.
(٢) آل عمران : ٧.
(٣) آل عمران : ٣٣.
(٤) بحار الأنوار ج ١١ ص ٧٢ ح ١ عن الأمالي.