الرحمن الرحيم
إننا قبل أن نتكلم عن المقصود من هاتين الكلمتين ، نشير إلى أمر هام يرتبط بمعناهما ، بل هو يرتبط بسائر صفاته وأسمائه تعالى ، وهو : أن الرحمة لدى بني الإنسان عبارة عن انفعال نفساني ذي طابع خاص ، يحصل بسبب رؤية العجز أو الضعف أو النقص لدى إنسان أو أي مخلوق آخر ذي روح. فإذا رأينا طفلا عمره شهر تحت أشعة الشمس ، أو جريحا ، أو رجلا تحت الأنقاض يحصل في داخلنا انفعال معيّن بطريقة عفوية وفطرية ، يدفعنا إلى العمل ومديد المساعدة لذلك العاجز والمنكوب.
لكن حينما نصف الذات الإلهية المقدّسة المنزّهة بصفة الرحمانية والرحيمية ، فإن نحو وكيفية تلبسها بصفة الرحمة ، أو انتساب الرحمة إليها يختلف عن نحو وكيفية تلبسها بالإنسان وانتسابها إليه. ونحن نجهل تماما حقيقة الرحمة التي ننسبها إليه تعالى ، ولا نستطيع حتى أن نتصوّر حقيقتها ، ونجهل أيضا كيفيتها لديه تعالى.