وقد أكد هذا الأمر فرعون باستعماله كلمة" ما" التي تستعمل بالأصل في غير العاقل.
ونقول : إنه تخيّل باطل ، فأما بالنسبة لكلام فرعون ، فهو يريد أن يوهّن ويحقّر مقام الربوبية الذي يتحدّث عنه موسى ، ويظهر للناس أنه رب غير عاقل ، ولا يصلح لأجل ذلك للربوبية ، ليثبت للناس : أنه هو ربهم الأعلى.
وأما كون كلمة : " رب العالمين" بدلا مما قبلها ، فذلك لا يضر ، ما دام انه يمكن أن يكون موسى عليهالسلام قد أراد التعبير عن هذا الرب بذكر ميزات عديدة له ليدفع أي لبس أو اشتباه ، فذكر ربوبيته للسماء والأرض ، وللعقلاء أيضا ـ وهم العالمون ـ فليست الآية بصدد إجمال ما تقدم بجميع خصوصياته.
ربي أم رب العالمين :
وأما لماذا لم يقل : الحمد لله ربي ، أو ربنا. بل قال : رب العالمين ، فلأنه تعالى يريد منا : أن نحيا حياة اجتماعية ويعين بعضنا في مسيرتنا نحو الكمال ، إذ لا يكفي التكامل الفردي والشخصي ، فيكون الناس أفرادا ، يحيون حياتهم الخاصة منفصلين تمام الانفصال بعضهم عن بعض.
فالله يتعامل معنا من موقع المربي للعالمين جميعا ، وعلينا أن نتعامل معه من موقع الاستجابة لهذه التربية وبمرونة اجتماعية عامة