الاستعانة بالله والجبر الإلهي :
وقد يحلو للبعض أن يصور لنا : أن الاستعانة بالله سبحانه تعني : أنه لم يعد لنا أي استقلالية فيما نعمل ، بل لم يعد لنا أي دور في أعمالنا بل هي تنسب إلى الله سبحانه ، ونحن لا دور لنا فيها ، بل نحن مسيرون كما تسيّر أية آلة أخرى بيد محركها.
ونقول :
إن ذلك غير صحيح ، فقد قدمنا الحديث عنه تعالى ، حيث تحدث هنا بصيغة جمع المتكلمين : نعبد. نستعين. (وتحدثنا عن بعض حكم وأهداف هذا التعبير) وهو تعبير صريح في أنه تعالى يريد منا : أن نبادر إلى العمل باختيارنا ، وبملء إرادتنا. وبالاستقلال عن كل أحد. فلو كان الله هو الذي يفعل ، ونحن دورنا دور الآلة ، فلا يبقى مورد للعون منه لنا ، بل كان ينبغي أن يقول : أنت تفعل ولا تحتاج إلى معين من أحد.
والحاصل : أن هذا لا ينافي كون التأثير لله سبحانه ، فالله سبحانه :
يمدنا بالقوة البدنية ، بالسمع ، بالبصر ، بكل شيء ؛ ويفيض علينا الوجود لحظة بعد لحظة.
وأعطانا أيضا حرية توظيف هذه القوى في الموارد التي تروق لنا. تماما كما هو الحال في التيار الكهربائي ، أو أنابيب المياه ، فالذي يمدنا بالماء والكهرباء هو المولد الكهربائي ،