ما المراد بالعبادة :
وإذا أردنا أن نستوضح المراد من العبادة في" إياك نعبد" وسواها ، فإننا نقول :
لقد قال الله سبحانه : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (١١٢).
وقال تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (١١٣).
فهدف الخلقة إذن هي عبادته تعالى. والمراد بهذه العبادة هو الانقياد المطلق لإرادة الله سبحانه في أوامره وزواجره ؛ إذ أن الله قد خلق هذا الكون ، وهذا الإنسان ، ورسم له هدفا لا بد له من التحرك باتجاهه ، حتى ينتهي إليه ، وهذا الهدف ، وتلك المسيرة ليست واضحة المعالم لهذا الإنسان تمام الوضوح ، بل هي غارقة في بحر الغيب ، ومحفوفة بكثير من الأمور التي تحجب الرؤية الصحيحة لها ، والشاملة لكل ما يرتبط بها.
والذي يعرف ذلك الغيب ، ويهيمن على كل هذا الواقع هو الذي يفترض فيه أن يقدم الإرشادات الهادية إلى طريقة التعامل مع كل هذا الواقع ، وكيفية استعمال هذه الأجهزة التي تمكن
__________________
(١١٢) سورة الذاريات ، الآية ٥٦.
(١١٣) سورة البينة ، الآية ٥.