وواضح : أن هذا التحرر التام هو نتيجة التوحيد الحقيقي ، وتأكد أو رسوخ أساس العقيدة بالنبوة وبالمعاد أيضا. فإن ذلك يفرض توحيد العبادة والعبودية ، وتوحيد العمل والسلوك أيضا.
نعبد ونستعين بصيغة الجمع :
وقد استعمل سبحانه هنا صيغة الجمع لا المفرد ، فقال : نعبد ، نستعين. اهدنا. ولم يقل : اعبد ، استعين ، اهدني. ولعله من أجل أنه سبحانه يريد لهذا الإنسان أن يعيش خصوصيته الفردية في نطاق حياته الاجتماعية ، ولا يريده أن ينعزل ، وينطوي على نفسه ويتقوقع داخل قفص حديدي قضبانه هي الخصوصيات الفردية المحددة ، والمؤذية أحيانا. وهذا أسلوب تربوي رفيع يهدف إلى تحويل الحركة الفردية ، والفعل الشخصي إلى إنجاز جماعي ، له قيمته الإنسانية الفضلى.
مع الإشارة إلى أن التشذيب والتهذيب ، وإيجاد حالة التوازن في الخصوصيات والطموحات الفردية إنما يكون في ساحة الصراع والتحدي ، حيث لا بد أن تعبر تلك الحالات الفردية للأنا عن نفسها ، وعن وجودها ، حيث لا مبرر لهذا البروز في حالة الانطواء والبعد عن ساحة الصراع هذه.
ولأجل ذلك ، فإنه تعالى حتى حين يشرع العبادات حتى الصلاة ، فإنه قد جعل طابعها العام جماعيا واجتماعيا بصورة