بصورة عفوية أيضا .. لأن الغضب والضلال يوحيان بزوال النعمة ، أو بعدم الحصول عليها ، فلا بد له إذن من الابتعاد عن سبل المغضوب عليهم والضالين لتفادي أية سلبية تنشأ من اتباع سبيلهما.
ويلاحظ أخيرا : أنه تعالى قد عبّر بكلمة" أنعمت" التي تفيد معنى ينطبق على جميع الأمور التي تعني الإنسان من صحة أو مال أو قدرة ، أو جاه أو هداية أو علم ، أو أمن أو أي شيء آخر يسهم في إسعاد الإنسان ، ويمكن له أن يحصل عليه. وهذا نوع آخر من الترغيب والتحفيز للسير على ذلك الصراط.
وكل ذلك يفسر لنا السبب في أن ذلك قد ورد في سورة الفاتحة التي تتكرر في كل يوم عشر مرات على الأقل. فقد أريد منه أن يصبح خلقا ، وطريقة ، وحركة عفوية ، من خلال ارتكلز ذلك في نفس الإنسان وروحه وكل وجوده.
النعمة والنقمة :
وقد يتخيل البعض : أن الذين أنعم الله عليهم. قد تسببت لهم نفس تلك النعمة بالنقمات ، فقد أوذي الأنبياء ، وقتل الحسين بن علي عليهالسلام في كربلاء بصورة مفجعة. وقال علي عليهالسلام لأهل العراق : " لقد ملأتم قلبي قيحا" (١٣٨).
__________________
(١٣٨) نهج البلاغة ـ بشرح عبده ـ الخطبة رقم ٢٦ ج ١ ص ٦٦.