الرحمن الرحيم : مرة اخرى :
وقد اتضح مما تقدم : أن قوله : " الرحمان الرحيم" بعد قوله : الحمد لله رب العالمين. قد جاء في موقعه الطبيعي. فإنه تعالى إنما يرعى الإنسان ويربيه بصورة متوازنة ، لا يهمل جهة فيه على حساب أخرى. فيرزقه حيث يحتاج إلى الرزق ، ويشفيه حيث يحتاج إلى الشفاء ، ويعمل قدرته في موضع القدرة ورحمته في موضع الرحمة والعلم والحكمة ، ووالخ .. كل في موقعه.
وهذه هي أفضل رعاية ، وأمثل تربية. يصل الإنسان من باب الرحمة إلى الربوبية ، ومن الربوبية إلى صفات الألوهية.
وإنما دخلنا إلى الربوبية من باب الرحمة ، لأن الرحمة ـ كما قلنا سابقا ـ إنما هي نتيجة ملاحظة نقص أو ضعف ، أو عجز لدى الآخرين ، يدفع إلى التحرك باتجاه رفع هذا النقص ، أو العجز أو الضعف. وهذا بالذات هو مورد التربية ، التي هي الانتقال التدريجي لنا من حالة نقص أو ضعف أو عجز إلى حالة كمال وقوة