ملموسة وظاهرة ، فالصلاة التي هي صلة للعبد به تعالى قد انطوت في تشريعاتها وخصوصياتها وحالاتها على ما يجعل إحساس العبد بصلته بالله سبحانه يتبلور في نطاق الحياة الاجتماعية. ومن خلالها. ففي الأذان دعوة إلى التجمع من أجل الصلاة جماعة ، وهي في المسجد أكثر ثوابا ، ويزيد هذا الثواب بعدد أفراد الجماعة المشاركين (١١٠). ثم تتلو نصوص الصلاة التي تصهر روحك في بوتقة المجتمع الكبير فتقول : إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا .. صراط الذين أنعمت عليهم .. ثم تكون آخر كلماتك هي : السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته فتخرج من الصلاة لتدخل من باب الصلاة نفسها ـ بعد أن تكون حصلت على السّلام النفسي والروحي ـ إلى قلب هذا المجتمع الكبير ، لتعيش بهذا السّلام ، بعد أن تكون هذه الصلاة قد أسهمت في تصفية روحك ، وتزكية نفسك ، وأهّلتك لأن تكون العضو الصالح والقوي والفاعل في مجتمعك ، ولا تزال تنهاك عن الفحشاء والمنكر ، وهي عمود الدين. وهي النهر الذي تغتسل فيه كل يوم خمس مرات ، لتكون مثال الطهر والصفاء والنقاء.
فالعبادة الفردية إذن تقوم ـ بالإضافة إلى سائر منجزاتها الكبرى ـ بتأهل الفرد واستصلاحه ليكون العضو الفاعل والعامل
__________________
(١١٠) مع أن عدد أفراد الجماعة ليس عملا ، وليس من اختيار نفس المصلي.