إن قلت : فما الحيلة فيما وقع كذلك من طلب الضدين في العرفيات (١)؟
______________________________________________________
والجواب الثاني : ما أشار اليه بقوله : «مع انه يكفي الطرد من طرف الامر بالأهم».
وتوضيحه : انه إذا قلتم بفعلية كلا الامرين فلا بد من الالتزام بالمطاردة من الجانبين ، وان قلتم بعدم فعلية الامر بالمهم فعلية مطلقة وان الفعلية المطلقة للامر بالأهم وحده ، لأن الامر بالمهم حيث كان مشروطا بعصيان الأهم ففعليته مقيدة بخلاف الامر بالأهم ، فإن فعليته مطلقة وغير مشروطة بشيء ، فمرجع هذا إلى ان الامر بالأهم حيث يكون فعليا مطلقا فهو يطرد الامر بالمهم ولا يكون له مجال معه ، واذا لم يكن له مجال معه فلا تكون له فعلية مع فعليته ، واذا لم يكن الامر بالمهم فعليا فكيف يمكن قصد امتثال امره؟ والحال ان مراد المصحح بنحو الترتب هو امكان اتيان المهم بقصد امتثال امره الفعلي.
فاتضح : ان الفعلية المطلقة من جانب الأهم وحده تكفي في عدم فعلية الامر بالمهم وطرده عن ان يكون فعليا ، ولذا قال : «فانه على هذا الحال» : أي على حال عدم الاتيان بالأهم «يكون» الامر بالأهم «طاردا لطلب الضد» وهو المهم «كما كان» طاردا له «في غير هذا الحال» : أي في غير حال عدم الاتيان به وهو حال اطاعة الامر الأهم «فلا يكون له» أي للامر بالمهم «معه» : أي مع الامر بالأهم «اصلا بمجال» وما ذكرنا ينبغي ان يكون مراده من كفاية الطرد من جانب واحد. فلا يرد عليه ان هذا غير معقول وان المطاردة لا بد وان تكون من الجانبين.
(١) هذا هو الوجه الرابع الذي ذكروه لصحة الترتب وهو ان وقوعه ادل دليل على امكانه ، اذ غير الممكن لا يعقل وقوعه والوقوع آية الامكان ، ومتى امكن ان يقع فلا بد من صحته إذا وقع.