بما هي هي ليست إلا هي ، لا يعقل أن يتعلق بها الطلب لتوجد أو تترك ، وأنه لا بد في تعلق الطلب من لحاظ الوجود أو العدم معها ، فيلاحظ وجودها فيطلبه ويبعث إليه ، كي يكون ويصدر منه (١) ، هذا بناء على أصالة الوجود.
______________________________________________________
ذلك ، والطلب كما يمكن ان يتعلق بجعل الشيء بنحو كان التامة كذلك يمكن ان يتعلق بجعل الشيء شيئا.
ولكنه حيث كان الغرض بيان كيفية تعلق الطلب بصرف وجود الطبيعة أو وجود الفرد ، وليس في مقام بيان كيفية تعلق الطلب وانحائه ـ لذلك خص الجعل البسيط بالذكر ، فقال : «ان الطالب» لشيء «يريد صدور الوجود من العبد» ويريد منه «جعله بسيطا الذي هو مفاد كان التامة وافاضته» : أي ويريد من عبده افاضة الوجود على الطبيعة خارجا «لا انه يريد» منه «ما هو صادر».
(١) لا يخفى ان هذا قول ثالث بين كون متعلق الطلب الطبيعة بما هي ، وبين كون متعلقه وجود الطبيعة.
وسبب القول به ان القائل يرى ان ما به الغرض هو وجود الطبيعة ، وحيث لم يستطع دفع شبهة طلب الحاصل فقال ان متعلق الطلب هو الطبيعة من حيث هي ، ويكون وجودها غاية لتعلق الطلب بها. وقد عرفت انه لا وقع للشبهة وان وجود الطبيعة بنفسه هو المتحمل للغرض ، وهو متعلق الطلب من دون لزوم محذور ، فلا داعي لجعله غاية لمتعلق الطلب بعد ان كان بنفسه يمكن ان يكون متعلقا له. هذا أولا.
وثانيا : ان الطبيعة من حيث هي قد تقدم انه لا يعقل ان تكون متعلقة للطلب ، لانها من حيث هي ليست إلّا هي لا مطلوبة ولا غير مطلوبة ، فلا معنى لتعلق الطلب بها وجعل وجودها غاية لطلبها ، بل لا بد ان يكون متعلق الطلب هو وجود الطبيعة ، فلا بد في مقام تعلق الطلب ان يلاحظ الطبيعة ويلاحظ وجودها وعدمها ، وحيث كان متعلق غرضه وجودها فيطلبها كي يخرجها من الفرض إلى التحقق.