والتحقيق أن يقال : إنه إن كان الامر بأحد الشيئين ، بملاك أنه هناك غرض واحد يقوم به كل واحد منهما ، بحيث إذا أتى بأحدهما حصل به تمام الغرض ، ولذا يسقط به الامر ، كان الواجب في الحقيقة هو الجامع بينهما ، وكان التخيير بينهما بحسب الواقع عقليا لا شرعيا ، وذلك لوضوح أن الواحد لا يكاد يصدر من اثنين بما هما اثنان ، ما لم يكن بينهما جامع في البين ، لاعتبار نحو من السنخية بين العلة والمعلول.
______________________________________________________
بين الوجوب التخييري والتعييني كما سيتضح وجهه في شرح قوله والتحقيق ، ولا يرى معقولية الواحد لا بعينه كما سيأتي أيضا ، ولم يصح عنده أيضا وجوب كل واحد وسقوطه بفعل الآخر لعدم خلوه عن المحذور ايضا لذلك قال ان الواجب في الخطاب التخييري هو المعين عند الله ، فان الواجب التخييري الموجه الخطاب به لكل واحد تمّ له موضوع الخطاب عنده الّا ان الله يعلم بما ياتي به هذا المكلف ، فالمكلف وان توجه اليه الخطاب بالتخيير لجهله بما سيفعله لكن الله يعلم بالذي يفعله هذا المكلف ، فهو في الحقيقة مخاطب بما سيفعله من هذه الافراد وان كان ظاهر الخطاب التخيير.
وبعبارة اخرى : ان صاحب هذا القول لا يرى معقولية الخطاب بنحو التخيير بين الطبائع المتعددة والموضوع للوجوب غير تام الّا في هذه الطبائع فلذا قال بان الواجب التخييري هو المعين عند الله.
ولا يخفى : ان هذا يرجع إلى كون الواجب كل واحد ولا بد من التزامه بسقوط كل منهما بفعل الآخر ، لانه اذا كان فيه غرض الزامي فان لم يسقط بفعل الآخر كان لازم الاتيان لفرض كونه غرضا الزاميا ، ولا فرق بينه وبين هذا القول الّا في كون الواجب تخييريا واقعا ولكنه في مقام الخطاب يكون المراد به هو احدهما معينا ، فكأنه يتحاشى عن صرف الامر بنحو التخيير.