أما امتناع كونه من قيود الهيئة (١) ، فلانه لا إطلاق في الفرد الموجود من الطلب المتعلق بالفعل المنشأ بالهيئة ، حتى يصح القول بتقييده بشرط
______________________________________________________
وحاصل الدليل الاول : ان الهيئة من المعاني الحرفية والمعنى الحرفي موضوع بالوضع العام والموضوع له الخاص ، ومعنى الموضوع له الخاص ان المعنى الذي يدل عليه الحرف هو من الجزئيات الخاصة المتعينة والمتشخصة بتشخص جزئي حقيقي ، ومن الواضح ان الجزئي الحقيقي الشخصي لا سعة فيه لأن التوسعة والتضييق من شئون المعاني الكلية ، أما المعاني الجزئية الحقيقية لا سعة فيها حتى تتضيق.
وقد عرفت ان الشرط قيد ومعنى القيدية التضييق وما لا سعة فيه لا يعقل ان يلحقه تضييق ، فالهيئة التي هي الدالة على الوجوب معنى حرفي فهي امر جزئي شخصي لا سعة فيها فلا تضيق لها ، بخلاف المادة التي هي متعلق الهيئة وهو الاكرام ـ مثلا ـ فانه معنى كلي والكلي له سعة وضيق فلا بد وان يكون القيد راجعا لها لأنها معنى كلي قابلة للسعة والضيق ، فالقيد راجع إلى المادة وهي الواجب ولا يعقل رجوعه إلى الوجوب المستفاد من الهيئة لانه معنى حرفي ، وهو البعث الواقع نسبة بين الباعث والمبعوث والمبعوث اليه ، والمعاني النسبية معان حرفية جزئية حقيقية متشخصة فلا تقبل التقييد والتضييق.
(١) قد عرفت فيما سبق ان ظاهر الجملة الشرطية كقول القائل : ان جاءك زيد فاكرمه هو كون الجزاء بما هو مركب من هيئة ومادة واقعا موقع الفرض والتقدير على فرض تحقق الشرط وهو المجيء ، وبعد قيام البرهان عنده (قدسسره) على امتناع رجوع القيد إلى الهيئة فلا بد من صرف هذا الظاهر وارجاعه إلى المادة ، هذا بحسب البرهان الاول.
وأما بحسب البرهان الثاني فيقتضي ان يكون هذا الاعتراف منه (قدسسره) انما هو بدوي ولكن بعد التامل والتروي في كيفية تعلق الوجوب بالواجبات يكون القيد راجعا إلى المادة ، فيكون اعترافه بحسب البرهان الاول غير اعترافه بحسب ما يقتضيه