وممّا ذكرنا ظهر عدم صحّة الاستدلال بموثّقة عمّار عن أبي الحسن عليهالسلام : " قال :
إذا شككت فابن على اليقين. قلت : هذا أصل؟ قال : نعم". فإنّ جعل البناء على الأقلّ أصلا ينافي ما جعله الشارع أصلا في غير واحد من الأخبار ، مثل : قوله عليهالسلام : " أجمع لك السهو كلّه في كلمتين : متى ما شككت فابن على الأكثر" ، وقوله عليهالسلام فيما تقدّم : " ألا اعلّمك شيئا ..." إلى آخر ما تقدّم.
فالوجه فيه : إمّا الحمل على التقيّة ، وإمّا ما ذكره بعض الأصحاب في معنى الرواية : بإرادة البناء على الأكثر ، ثمّ الاحتياط بفعل ما ينفع لأجل الصلاة على تقدير الحاجة ولا يضرّ بها على تقدير الاستغناء.
نعم ، يمكن أن يقال بعدم الدليل على اختصاص الموثّقة بشكوك الصلاة فضلا عن الشكّ في ركعاتها ، فهو أصل كلّي خرج منه الشكّ في عدد الركعات ، وهو غير قادح. لكن يرد عليه : عدم الدلالة على إرادة اليقين السابق (٢١٣٨) على الشكّ ، ولا المتيقّن السابق على المشكوك اللاحق ، فهي أضعف دلالة من الرواية الآتية الصريحة في اليقين السابق ؛ لاحتمالها لإرادة إيجاب العمل بالاحتياط ، فافهم.
______________________________________________________
٢١٣٨. هذا مورد قاعدة الشكّ الساري. وقوله : «ولا المتيقّن السابق ...» مورد لقاعدة الاستصحاب ، لعدم اعتبار تقدّم اليقين على الشكّ في موردها ، إذ المعتبر فيها تقدّم المتيقّن على المشكوك فيه ، دون صفة اليقين على الشكّ ، لجواز اجتماعهما في زمان واحد ، كما إذا تيقّن الآن بعدالة زيد أمس ، مع حصول الشكّ الآن في بقائه على العدالة إلى الآن ، بخلاف قاعدة الشكّ الساري ، إذ المعتبر في موردها تقدّم صفة اليقين على صفة الشكّ لا المتيقّن على المشكوك فيه. وقد تقدّم توضيحه في أوّل المبحث. وحيث لم يصرّح في الموثّقة باعتبار تقدّم اليقين أو المتيقّن تأتّي فيها احتمال إرادة قاعدة الاشتغال أيضا ، بخلاف الرواية الآتية ، ولذا كانت الموثّقة أضعف دلالة منها. والفرق بينها وقاعدتي الاستصحاب والشكّ الساري : أنّ المناط فيها هو العلم باشتغال الذمّة في آن ما مع الشكّ في الخروج من عهدة التكليف ، من دون اعتبار سبق اليقين أو المتيقّن كما عرفت.