من الأدلّة ، وليس الدليل إلّا ما أفاد العلم أو الظنّ بالحكم ، والمفيد للظنّ بوجود الحكم في الآن اللاحق ليس إلّا كونه (٢٠١٥) يقينيّ الحصول في الآن السابق ، مشكوك البقاء في الآن اللاحق ؛ فلا مناص عن تعريف الاستصحاب المعدود من الأمارات إلّا بما ذكره قدسسره.
لكن فيه : أنّ الاستصحاب (٢٠١٦) كما صرّح به هو قدسسره في أوّل كتابه (٢٠١٧) ـ
______________________________________________________
عن الحكم بالبقاء على وجه الظنّ ، لا نفس الظنّ بالبقاء.
٢٠١٥. بخلاف تعريف القوم بأنّه إبقاء ما كان على ما كان ، لأنّ الإبقاء فعل المكلّف ، وهو ليس موصلا إلى حكم في الآن اللاحق ، بل الموصل إليه ظنّا هو ما ذكره.
٢٠١٦. يرد عليه ـ مضافا إلى ما ذكره ـ أنّه مخالف للأصل من وجهين :
أحدهما : أنّ الأصل في نقل لفظ من معنى إلى آخر أن يكون النقل من كلّي إلى بعض أفراده ، لا من أحد المتباينين إلى الآخر ، لقلّته حتّى يكاد يلحق بالمعدومات. ولا شكّ أنّ تعريف الاستصحاب بما عرّفه المحقّق القمّي رحمهالله مستلزم للنقل المرجوح ، للمباينة بينه وبين المعنى اللغوي ، والحمل على الراجح أولى. لكن يدفعه اشتراك هذا الإيراد بينه وبين تعريف المشهور ، كما قدّمناه في بعض الحواشي المتقدّمة.
وثانيهما : أنّ الأصل في المشتقّات هو اشتراك المشتق مع المشتق منه في المعنى الأصلي ، مثل ضرب وضرب ويضرب وضارب ومضروب. ولا ريب أنّ ما يشقّق من الاستصحاب ـ من : استصحب ومستصحب ونحوهما من الألفاظ الدائرة على ألسنة القوم ـ لا يراد به المعنى الذي عرّف المشتقّ منه به.
٢٠١٧. قال : «إنّ موضوع الاصول هو أدلّة الفقه ، وهي الكتاب والسنّة والإجماع والعقل. وأمّا الاستصحاب فإن أخذ من الأخبار فيدخل في السنّة ، وإلّا فيدخل في العقل وأمّا القياس فليس من مذهبنا» انتهى.