نعم ، إرادة القاعدة والاستصحاب معا يوجب استعمال اللفظ في معنيين ؛ لما عرفت أنّ المقصود في القاعدة مجرّد إثبات الطهارة في المشكوك ، وفي الاستصحاب خصوص إبقائها في معلوم الطهارة سابقا ، والجامع بينهما غير موجود ، فيلزم ما ذكرنا.
والفرق بينهما ظاهر ، نظير الفرق بين قاعدة البراءة واستصحابها ، ولا جامع بينهما.
وقد خفي ذلك على بعض المعاصرين ، فزعم جواز إرادة القاعدة والاستصحاب معا ، وأنكر ذلك على صاحب القوانين فقال : إنّ الرواية تدلّ على أصلين : أحدهما أنّ الحكم الأوّلي للأشياء ظاهرا هي الطهارة مع عدم العلم بالنجاسة ، وهذا لا تعلّق له بمسألة الاستصحاب. الثاني أنّ هذا الحكم مستمرّ إلى زمن العلم بالنجاسة ، وهذا من موارد الاستصحاب وجزئيّاته (٢٨) ، انتهى.
أقول : ليت شعري (٢١٦٠)
______________________________________________________
المعنيين ، إلّا أنّه لا مانع من إرادة معنى عامّ شامل لجريان قاعدة الطهارة في الشبهات الحكميّة والموضوعيّة ، إذ لا مانع منه سوى اختلاف إضافة الطهارة إلى الأشياء من حيث الحكم والموضوع ، أو اختلاف العلم بسبب اختلاف أسبابه ، نظرا إلى كون العلم بالقذارة في الشبهة الحكميّة حاصلا من الأدلّة ، وفي الشبهة الموضوعيّة حاصلا من البيّنة وغيرها من الأمارات ، كما تقدّم في الحاشية السابقة ، لكن ذلك بمجرّده لا يمنع من إرادة معنى عامّ من لفظ الطهارة والعلم شامل للشبهات الحكميّة والموضوعيّة ، إذ المفروض عدم إرادة خصوصيّات الموارد.
٢١٦٠. توضيحه : أنّه مضافا إلى ما أشار إليه المصنّف رحمهالله آنفا ، وأسلفنا توضيحه في الحاشية السابقة ، من عدم إمكان إرادة الأصلين من الرواية ، أنّه إن أراد بالمشار إليه في قوله «إنّ هذا الحكم المستمرّ ...» الحكم المستفاد من الأصل الأوّلي ، أعني : قاعدة الطهارة ، ففيه : أنّ الحكم المستفاد منها هي الطهارة الظاهريّة المغياة بزمان العلم بالنجاسة ، وليس استمرار هذا الحكم ظاهرا ولا واقعا مغيّا بزمان العلم بالنجاسة ، بل هو حكم كلّي مستمرّ إلى زمان ورود النسخ عليه ، إذ ليست غاية الأحكام الكلّية إلّا ذلك ، فلا معنى لقوله «مستمرّ إلى زمان العلم بالنجاسة».