وثانيا : بما ذكره جماعة من أنّ تقديم بيّنة الإثبات لقوّتها على بيّنة النفي (٢٢١١) وإن اعتضد بالاستصحاب ؛ إذ ربّ دليل أقوى من دليلين. نعم ، لو تكافأ دليلان رجّح موافق الأصل به ، لكن بيّنة النفي لا تكافئ بيّنة الإثبات ، إلّا أن يرجع أيضا إلى نوع من الإثبات (٢٢١٢) ، فيتكافئان. وحينئذ فالوجه تقديم بيّنة النفي لو كان الترجيح في البيّنات ـ كالترجيح في الأدلّة ـ منوطا بقوّة الظنّ مطلقا أو في غير الموارد المنصوصة على الخلاف ، كتقديم بيّنة الخارج (٢٢١٣). وربما تمسّكوا بوجوه (٢٢١٤) أخر ، يظهر حالها بملاحظة ما ذكرنا في ما ذكرنا من أدلّتهم. هذا
______________________________________________________
في الشبهات التحريميّة الحكميّة دون الوجوبيّة والموضوعيّة ، إلّا ما يتراءى من الأمين الأسترآبادي ، كما تقدّم في مسألة البراءة.
٢٢١١. لأنّ شهادة بيّنة الإثبات مستندة إلى الحسّ ، وأمّا بيّنة النفي فإمّا مستندة إلى أصالة البراءة كما هو الغالب ، أو إلى العلم وهو نادر ، إذ أسباب اشتغال الذمّة كثيرة تندر الإحاطة بعدم وقوع شيء منها في الخارج. فشهادة بيّنة النفي على الأوّل لا تفيد الظنّ ، وعلى الثاني على تقدير إفادتها الظنّ لا تقاوم الظنّ الحاصل من بيّنة الإثبات.
٢٢١٢. كما في بيّنة الداخل.
٢٢١٣. مثال للمورد المنصوص به.
٢٢١٤. منها : ما نقله في القوانين وغيره من أنّ العمل بالاستصحاب عمل بالظنّ ، وهو محرّم بالآيات والأخبار.
وفيه : أنّ ما دلّ على اعتبار الاستصحاب من الأخبار أو بناء العقلاء أو الاستقراء أخصّ من تلك الأدلّة ، فتخصّص بها.
وربّما يجاب : بأنّ العمل بالاستصحاب بعد قيام دليل قطعيّ عليه عمل بالقطع دون الظنّ ، فله خروج موضوعيّ من تلك الأدلّة.
وفيه : أنّ قيام دليل قطعيّ على اعتباره يجعله قطعيّ الاعتبار لا قطعيّا ، فلا بدّ