الإيراد (٢٢٠٨) ؛ بناء على ما صرّح به جماعة من كون استصحاب النفي المسمّى ب : «البراءة الأصليّة» معتبرا إجماعا. اللهمّ إلّا أن يقال (٢٢٠٩) : إنّ اعتبارها ليس لأجل الظنّ ، أو يقال : إنّ الإجماع (٢٢١٠) إنّما هو على البراءة الأصليّة في الأحكام الكلّية ـ فلو كان أحد الدليلين معتضدا بالاستصحاب اخذ به ـ لا في باب الشكّ في اشتغال ذمّة الناس ؛ فإنّه من محلّ الخلاف في باب الاستصحاب.
______________________________________________________
٢٢٠٨. إذ مع فرض تحقّق الإجماع على اعتبار أصالة البراءة لا بدّ من تقديم بيّنة النفي على بيّنة الإثبات ، فلا بدّ من بيان وجه عدم التقديم على القول باعتبار الاستصحاب وعدمه ، فلا اختصاص لهذا الإيراد بالأوّل. وأنت خبير بأنّه لا وقع لدعوى اشتراك الإيراد بعد منع المصنّف رحمهالله عند تحرير محلّ النزاع من تحقّق الإجماع المذكور.
٢٢٠٩. وجه عدم اشتراك الإيراد على تقدير القول باعتبار أصالة البراءة من باب التعبّد ـ كما إذا قلنا باعتبارها من باب الأخبار أو حكم العقل بقبح التكليف بلا بيان كما هو الحقّ ـ لا من باب الاستصحاب : أنّ اعتبار البيّنة إمّا من باب الظنّ النوعي أو التعبّد ، والأمر التعبّدي لا يصلح مرجّحا لما هو معتبر من باب الظنّ والطريقيّة ، ولذا نقول بكون الاصول مرجعا في تعارض الأخبار لا مرجّحا كما سيجيء في محلّه ، ولا لما هو معتبر من باب التعبّد ، ولذا لا نقول بالترجيح بكثرة الاصول ، وإن توهّمه الفاضل الكلباسي. والإيراد إنّما يختصّ بمن يرى اعتبار الاصول من باب الظنّ كما هو ظاهر المشهور.
ولكنّك خبير بأنّ القول باعتبار البراءة الأصليّة من باب التعبّد وإن كان يدفع اشتراك الإيراد ، إلّا أنّه لا يصحّح أصل الاستدلال ، لعدم استلزام القول باعتبار الاستصحاب حينئذ لتقديم بيّنة النفي ، كما يظهر ممّا ذكرناه.
٢٢١٠. أنت خبير بأنّ دعوى الإجماع على اعتبار أصالة البراءة في الموضوعات الخارجة أولى من دعواه على اعتبارها في الأحكام ، لأنّ خلاف الأخباريّين إنّما هو