.................................................................................................
______________________________________________________
لما سيجيء من كون الوضعيّة منتزعة من الطلبيّة أم نفيا محضا ، لعدم حاجته إلى جعل من الشارع.
وثانيهما : ما ذكره بعض مشايخنا من أنّ المقصود الأصلي في مباحث علم الاصول هو البحث عن أحوال الأدلّة الشرعيّة ، لأنّها موضوع هذا العلم ، والبحث عن قاعدة الاستصحاب أيضا إنّما هو من حيث كونها معدودة من أدلّة الأحكام الشرعيّة ، والدليل الشرعيّ هو المثبت للحكم الشرعيّ الكلّي. والمثبت للموضوعات الشخصيّة ـ سواء كانت شرعيّة أم غيرها ـ لا يسمّى دليلا بل أمارة ، ولذا كان البحث هنا عن قاعدة الاستصحاب من حيث إثبات الموضوعات بها استطراديّا وليس مقصودا بالأصالة ، وكذا من حيث إثبات البراءة الأصليّة ، لما عرفت من عدم كونها من الأحكام الشرعيّة.
وحينئذ فالظاهر أنّ قول العضدي «فلا يثبت به حكم شرعيّ» إشارة إلى منع كون الاستصحاب من الأدلّة المثبتة للأحكام الشرعيّة ، لا إلى التفصيل بين الوجودي والعدمي. مع أنّ تفريع التفتازاني في المسألة حياة المفقود على القول بالتفصيل المذكور في غير محلّه ، لأنّ الظاهر أنّها مبتنية على ما ذكره صدر الشريعة ـ صاحب التلويح من أهل الخلاف ـ من عدم اعتبار الاستصحاب عند التعارض بالنسبة إلى مورد التعارض دون غيره ، لأنّ استصحاب حياة المفقود من لوازمه بقاء ملكه وعدم انتقاله إلى ورّاثه ، وكذا من لوازمه انتقال مال مورّثه الميّت إليه ، فلا يعتبر الاستصحاب بالنسبة إلى الثاني ، لمعارضته باستصحاب عدم الانتقال ، ويعتبر بالنسبة إلى الأوّل ، لسلامته بالنسبة إليه من المعارض. وتبعه المحقّق القمّي رحمهالله أيضا مطلقا ، حتّى فيما كان المتعارضين من قبيل المزيل والمزال ، ولا دخل لذلك في التفصيل المذكور ، كيف لا وقد أثبت به حياة المفقود لإثبات بقاء ماله وعدم انتقاله عنه ، فتأمّل.
هذا ، ولكنّ الإنصاف أنّ عدّ العضدي للحكم الشرعيّ في مقابل النفي