مع أنّ هنا إشكالا آخر ـ قد أشرنا إليه (٢٢١٦) في تقسيم الاستصحاب في تحرير محلّ الخلاف ـ وهو : أنّ القول باعتبار الاستصحاب في العدميّات يغني عن التكلّم في اعتباره في الوجوديّات ؛ إذ ما من مستصحب وجودي إلّا وفي مورده استصحاب عدمي يلزم من الظنّ ببقائه الظنّ ببقاء المستصحب الوجودي ، وأقلّ ما يكون عدم ضدّه ؛ فإنّ الطهارة لا تنفكّ عن عدم النجاسة ، والحياة لا تنفكّ عن عدم الموت ، والوجوب أو غيره من الأحكام لا ينفكّ عن عدم ما عداه من أضداده ، والظنّ ببقاء هذه الأعدام لا ينفكّ عن الظنّ ببقاء تلك الوجودات ، فلا بدّ من القول باعتباره ، خصوصا بناء (٢٢١٧) على ما هو الظاهر المصرّح به في كلام العضدي وغيره (٨) من : «أنّ إنكار الاستصحاب لعدم إفادته الظنّ بالبقاء» ، وإن كان ظاهر بعض النافين كالسيّد قدسسره (٩) وغيره استنادهم إلى عدم إفادته للعلم ؛ بناء على أنّ عدم اعتبار الظنّ عندهم مفروغ عنه في أخبار الآحاد ، فضلا عن الظنّ الاستصحابي.
وبالجملة : فإنكار الاستصحاب في الوجوديّات والاعتراف به في العدميّات لا يستقيم بناء على اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ (٢٢١٨) ، نعم لو قلنا باعتباره من باب التعبّد من جهة الأخبار ، صحّ أن يقال : إنّ ثبوت العدم بالاستصحاب
______________________________________________________
الأصل ، وتفريعه لعدم إثبات الاستصحاب للحكم الشرعيّ ، لا يخلو من الظهور في التفصيل المذكور ، فتدبّر.
٢٢١٦. قد أشرنا أيضا هناك إلى ما يتعلّق بالمقام ، فراجع.
٢٢١٧. وجه الأولويّة إذا كان النزاع في اعتبار الاستصحاب صغرويّا من حيث إفادة الظنّ وعدمها ، لا يمكن إنكار حصول الظنّ بالأمر الوجودي لأجل حصول الظنّ بالأمر العدمي المقارن له ، لكونه وجدانيّا ، فيرجع إنكاره إلى المكابرة ، بخلاف ما لو كان النزاع كبرويّا ، لإمكان دعوى اعتبار الظنّ بأحدهما دون الآخر ، أو بناء العقلاء على اعتبار الاستصحاب تعبّدا في أحدهما دون الآخر ، كما سيشير إليه.
٢٢١٨. إذ دليل اعتبار الاستصحاب على هذا التقدير إنّما هو الوجوه الاعتباريّة