لا يوجب ثبوت ما قارنه من الوجودات ، فاستصحاب عدم أضداد الوجوب لا يثبت الوجوب في الزمان اللاحق ، كما أنّ عدم ما عدا زيد من أفراد الإنسان في الدار لا يثبت باستصحابه ثبوت زيد فيها ، كما سيجيء تفصيله إن شاء الله تعالى.
لكنّ المتكلّم في الاستصحاب من باب التعبّد والأخبار بين العلماء في غاية القلّة إلى زمان متأخّري المتأخّرين ، مع أنّ بعض هؤلاء وجدناهم لا يفرّقون في مقارنات المستصحب بين أفرادها ، ويثبتون بالاستصحاب جميع ما لا ينفكّ عن المستصحب ، على خلاف التحقيق الآتي في التنبيهات الآتية إن شاء الله تعالى.
ودعوى : أنّ اعتبار الاستصحابات العدميّة لعلّه ليس لأجل الظنّ حتّى يسري إلى الوجوديّات المقارنة معها ، بل لبناء العقلاء عليها في امورهم بمقتضى جبلّتهم.
مدفوعة : بأنّ عمل العقلاء في معاشهم على ما لا يفيد الظنّ بمقاصدهم والمضيّ في امورهم بمحض الشكّ والتردّد في غاية البعد ، بل خلاف ما نجده من أنفسنا معاشر العقلاء.
______________________________________________________
من دليل الانسداد أو أصالة جواز العمل بالظنّ أو غيرهما ممّا تقدّم ، لوضوح عدم دلالة الأخبار على اعتباره من باب الظنّ. وهذه الأدلّة كما تفيد اعتبار الظنّ المتعلّق بالعدم ، كذا تفيد اعتبار الظنّ المتعلّق بالوجود.
نعم ، لو فرض دلالة الأخبار عليه من باب الظنّ أمكن التفكيك بينهما حينئذ ، نظير ما ذكره المصنّف رحمهالله على تقدير اعتباره من باب التعبّد الشرعيّ ، لجواز التفكيك بين اللوازم والمقارنات في الوجود بحسب الشرع ، ولذا يعتبر الظنّ بالقبلة دون الوقت وإن استلزمه ، إلّا أنّه فاسد جدّا ، بل في بعض الأخبار المتقدّمة دلالة على اعتباره ولو مع الظنّ بالخلاف كما أشرنا إليه سابقا ، فراجع. ولذا لم يتعرّض المصنّف رحمهالله لذلك في المقام ، وإن كان ربّما ينسب إلى الشهيد بناء على قوله باعتبار الاستصحاب من باب الظنّ وتمسّكه فيه بالأخبار ، كما استظهره المصنّف رحمهالله من عبارته فيما نقله من كلامه في الأمر الرابع ، فراجع.