وأضعف من ذلك أن يدّعى : أنّ المعتبر عند العقلاء من الظنّ الاستصحابي هو الحاصل بالشيء من تحقّقه السابق ، لا الظنّ الساري من هذا الظنّ إلى شيء آخر ، وحينئذ فنقول (٢٢١٩) : العدم المحقّق سابقا يظنّ بتحقّقه لاحقا ـ ما لم يعلم أو يظنّ تبدّله بالوجود ـ بخلاف الوجود المحقّق سابقا فإنّه لا يحصل الظنّ ببقائه لمجرّد تحقّقه السابق ، والظنّ الحاصل ببقائه من الظنّ الاستصحابي المتعلّق بالعدمي المقارن له غير معتبر إمّا مطلقا أو إذا لم يكن ذلك الوجودي من آثار العدمي المترتّبة عليه من جهة الاستصحاب. ولعلّه المراد بما حكاه التفتازاني عن الحنفيّة من : «أنّ حياة الغائب بالاستصحاب إنّما يصلح عندهم من جهة الاستصحاب ، لعدم انتقال إرثه إلى وارثه ، لا انتقال إرث مورّثه إليه» فإنّ معنى ذلك أنّهم يعتبرون ظنّ عدم انتقال مال الغائب إلى وارثه ، لا انتقال مال مورّثه إليه وإن كان أحد الظنّين لا ينفكّ عن الآخر.
ثمّ إنّ معنى عدم اعتبار (٢٢٢٠) الاستصحاب في الوجودي : إمّا عدم الحكم ببقاء المستصحب الوجودي وإن كان لترتّب أمر عدمي عليه ، كترتّب عدم جواز تزويج امرأة المفقود زوجها المترتّب على حياته ، وإمّا عدم ثبوت الأمر الوجودي لأجل الاستصحاب وإن كان المستصحب عدميّا ، فلا يترتّب انتقال مال قريب الغائب إليه وإن كان مترتّبا على استصحاب عدم موته. ولعلّ هذا هو المراد بما حكاه التفتازاني عن الحنفيّة : من أنّ الاستصحاب حجّة في النفي دون الإثبات. وبالجملة : فلم يظهر لي ما يدفع هذا الإشكال عن القول بعدم اعتبار الاستصحاب في الإثبات واعتباره في النفي من باب الظن.
______________________________________________________
٢٢١٩. تفريع لأضعف الدعويين ، وبيان لحاصل القول بالتفصيل بناء على هذه الدعوى.
٢٢٢٠. لا يخفى أنّ الكلام إلى هنا وفيما بعده إنّما هو في بيان الإشكال الذي أورده في المقام ، فالتعرّض هنا لبيان المراد من عدم اعتبار الاستصحاب الوجودي في غير محلّه ، لعدم ارتباطه بما قبله ولا بما بعده. فالأولى للمصنّف رحمهالله أن يتعرّض أوّلا لبيان وجود القول بالتفصيل بين الوجودي والعدمي ، ثمّ بيان المراد