نعم ، قد أشرنا فيما مضى إلى أنّه لو قيل باعتباره في النفي من باب التعبّد ، لم يغن ذلك عن التكلّم في الاستصحاب الوجودي ؛ بناء على ما سنحقّقه : من أنّه لا يثبت بالاستصحاب إلّا آثار المستصحب المترتّبة عليه شرعا.
لكن يرد على هذا : أنّ هذا التفصيل مساو للتفصيل المختار المتقدّم ، ولا يفترقان فيغني أحدهما عن الآخر (*) ؛ إذ الشكّ في بقاء الأعدام السابقة من جهة الشكّ في تحقّق الرافع لها ـ وهي علّة الوجود ـ والشكّ في بقاء الأمر الوجودي من جهة الشك في الرافع ، لا ينفكّ عن الشكّ في تحقّق الرافع ، فيستصحب عدمه ويترتّب عليه بقاء ذلك الأمر الوجودي.
وتخيّل : أنّ الأمر (٢٢٢١) الوجودي قد لا يكون من الآثار الشرعيّة لعدم الرافع ، فلا يغني العدمي عن الوجودي.
مدفوع : بأنّ الشكّ إذا فرض من جهة الرافع فيكون الأحكام الشرعيّة المترتّبة على ذلك الأمر الوجودي مستمرّة إلى تحقّق ذلك الرافع ، فإذا حكم بعدمه عند الشكّ ، يترتّب عليه شرعا جميع تلك الأحكام ، فيغني ذلك عن الاستصحاب الوجودي.
وحينئذ ، فيمكن أن يحتجّ لهذا القول : أمّا على عدم الحجّية في الوجوديات ، فبما تقدّم في أدلّة النافين ، وأمّا على الحجّية في العدميات ، فبما تقدّم في أدلّة المختار من الإجماع والاستقراء والأخبار ؛ بناء على أنّ (**) الشيء المشكوك في بقائه من جهة الرافع إنّما يحكم ببقائه لترتّبه على استصحاب عدم وجود الرافع ، لا لاستصحابه في نفسه ؛ فإنّ الشاكّ في بقاء الطهارة من جهة الشكّ في وجود الرافع يحكم بعدم الرافع ، فيحكم من أجله ببقاء الطهارة.
______________________________________________________
بعدم اعتبار الاستصحاب الوجودي ، ثمّ بيان الإشكال في التفصيل المذكور.
٢٢٢١. كإثبات حياة الغائب باستصحاب عدم موته.
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «ولا يفترقان فيغني أحدهما عن الآخر» ، ولا يفترق أحدهما عن الأخر.
(**) في بعض النسخ زيادة : إبقاء.