الرطوبة حتّى يترتب عليها أحكامها ، لما سيجيء من أنّ المستصحب لا يترتّب عليه إلّا آثاره الشرعيّة المترتّبة عليه بلا واسطة أمر عقلي أو عادي ، فيتعيّن حينئذ استصحاب نفس الرطوبة.
وأصالة عدم الرافع إن اريد بها أصالة عدم ذات الرافع ـ كالريح المجفّف للرطوبة مثلا ـ لم ينفع في الأحكام المترتّبة شرعا على نفس الرطوبة ؛ بناء على عدم اعتبار الأصل المثبت ، كما سيجيء ، وإن اريد بها أصالة عدمه من حيث وصف الرافعية ـ ومرجعها إلى أصالة عدم ارتفاع الرطوبة ـ فهي وإن لم يكن يترتّب عليها إلّا الأحكام الشرعيّة للرطوبة ، لكنّها عبارة اخرى عن استصحاب نفس الرطوبة. فالإنصاف : افتراق القولين في هذا القسم (*).
______________________________________________________
وجوده من اللوازم الشرعيّة لعدم المانع. وفيه : أنّ المانع والممنوع منه وإن فرضا شرعيّين ، إلّا أنّ وجود الممنوع منه عند عدم المانع عقليّ ، فلا يثبت بأصالة عدم المانع. ولذا ذكر المحقّق القمّي رحمهالله «أنّ وجود أحد الضدّين يتوقّف على انتفاء الآخر ، فالتوقّف عقليّ وإن كان الضدّ شرعيّا ، إذ المراد بعد فرضه ضدّا» انتهى.
وتوضيحه : أنّ الشارع إذا جعل شيئا مانعا لصحّة فعل آخر ، فالمحتاج إلى جعل الشارع حينئذ هو فساد هذا الفعل مع وجود الشيء المذكور ، وأمّا صحّته مع عدمه فهي عقليّة كما عرفت. وكذلك إذا جعل شيئا شرطا لصحّة فعل آخر ، فالمحتاج إلى جعله حينئذ هي صحّة هذا الفعل مع وجود الشيء المذكور ، وأمّا فساده مع عدمه فهو أيضا عقليّ كما يظهر ممّا قدّمناه. وحينئذ يشكل التمسّك أيضا بأصالة عدم الشرط عند الشكّ في وجوده لإثبات فساد المشروط به ، لما عرفت من كون الفساد حينئذ عقليّا.
وكيف كان ، فممّا يدلّ على ما ذكرنا أيضا قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة : «فإنّه على يقين من وضوئه» فإنّ تعليل وجوب الإبقاء باليقين بالوضوء لا باليقين
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : فافهم وانتظر لبقية الكلام.