وثانيا : بالحلّ (٢٢٣٩) ، بأنّ اتّحاد القضية المتيقّنة والمشكوكة الذي يتوقّف صدق البناء على اليقين (*) ونقضه بالشكّ عليه ، أمر راجع إلى العرف ؛ لأنّه المحكّم في باب الألفاظ ، ومن المعلوم أنّ الخيار أو الشفعة إذا ثبت في الزمان الأوّل وشكّ في ثبوتهما في الزمان الثاني ، يصدق عرفا أنّ القضيّة المتيقّنة في الزمان الأوّل بعينها مشكوكة في الزمان الثاني. نعم ، قد يتحقّق في بعض الموارد الشكّ في إحراز الموضوع للشكّ في مدخليّة الحالة المتبدّلة فيه. فلا بدّ من التأمّل التامّ ، فإنّه من أعظم المزال في هذا المقام.
وأمّا ما ذكره ثانيا من معارضة قاعدة اليقين والأصل بما دلّ على التوقّف. ففيه مضافا إلى ما حقّقناه في أصل البراءة من ضعف دلالة الأخبار على وجوب الاحتياط ، وإنّما تدلّ على وجوب التحرّز عن موارد الهلكة الدنيويّة أو الاخرويّة ،
______________________________________________________
من حيث القطع بتحقّق المناط في إحداهما دون الاخرى.
٢٢٣٩. حاصله : أنّه سيجيء عند بيان شرائط جريان الاستصحاب أو جواز العمل به ـ التي منها القطع ببقاء الموضوع ـ أنّ إحرازه إمّا بالعقل أو الأدلّة أو العرف. وما ذكره المستدلّ على تقدير تسليمه إنّما يتمّ على الأوّل دون الأخيرين ، كما سيجيء تفصيل الكلام هناك. ولا ريب في صدق البقاء مع الشكّ في الرافع مطلقا ، وكذا مع الشكّ في المقتضي في كثير من موارده أو أغلبها ، كما مثّل به من الخيار والشفعة ، لأنّ المثبت لهما وإن كان هي قاعدة الضّرر ، وإذا شكّ في ثبوتهما في الزمان الثاني من جهة الشكّ في كون القاعدة علّة لثبوتهما أو حكمة فيهما ، ومقتضاه حصول الشكّ في بقاء موضوع الحكمين ، لاحتمال تقيّده بالتضرّر المنتفي في الزمان الثاني ، لانجبار هذا الضرر بثبوت الخيار لهما في الزمان الأوّل ، إلّا أنّ الموضوع في نظر أهل العرف هو المغبون والشريك الذي باع صاحبه حصّته من المال المشترك فيه ، وهو باق إلى زمان الشكّ.
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : عدم.